للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ السَّابِعِ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِشُرُوطِ الِاجْتِهَادِ وَبِالْمُرْجِحَاتِ

ــ

[حاشية العطار]

التَّكَلُّفِ؛ لِأَنَّهُ دَفْعٌ لَهُ بِمِثْلِهِ تَأَمَّلْ.

١ -

(قَوْلُهُ: الْمُجْتَهِدِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَسْتَفِيدُ مِنْ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ بِخِلَافِ الْمُقَلِّدِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَسْتَفِيدُ مِنْ الْمُجْتَهِدِ بِوَاسِطَةِ دَلِيلٍ إجْمَالِيٍّ وَهُوَ أَنَّ هَذَا أَفْتَاهُ فِيهِ الْمُفْتِي وَكُلُّ مَا أَفْتَاهُ بِهِ الْمُفْتِي فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ فِي حَقِّهِ لِآيَةِ {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: ٤٣] وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ فَجَعْلُهُ دَاخِلًا فِي الْمُسْتَفِيدِ سَهْوٌ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَبِالْمُرْجِحَاتِ إلَخْ) الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِتُسْتَفَادُ قُدِّمَ عَلَيْهِ لِلْحَصْرِ؛ لِأَنَّ اسْتِفَادَةَ تَعْيِينِ مَا هُوَ الدَّلِيلُ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي يُرَادُ إثْبَاتُهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ الْمُتَعَارِضَةِ إنَّمَا هِيَ بِمَعْرِفَةِ الْمُرَجِّحِ الَّذِي قَامَ بِهَذَا الدَّلِيلِ دُونَ غَيْرِهِ كَأَنْ يَدُلَّ عَلَى وُجُوبِ الْوِتْرِ وَآخَرُ عَلَى سُنِّيَّتِهِ وَأَحَدُهُمَا نَصٌّ وَالْآخَرُ ظَاهِرٌ فَالدَّلِيلُ هُوَ الْأَوَّلُ لِتَرْجِيحِهِ بِكَوْنِهِ نَصًّا وَهَذَا شُرُوعٌ مِنْ الشَّارِحِ فِي تَمْهِيدِ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ ذَكَرَهُ فِيمَا بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعِلْمِيَّةِ الَّذِي هُوَ الْفِقْهُ حَاصِلٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَحُصُولُهُ مِنْهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ الْأَدِلَّةُ الْإِجْمَالِيَّةُ وَالْمُرَجِّحَاتُ وَصِفَاتُ الْمُجْتَهِدِ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الدَّلِيلَ التَّفْصِيلِيَّ إنَّمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْحُكْمِ الَّذِي أَفَادَهُ بِوَاسِطَةِ تَرَكُّبِهِ مَعَ الدَّلِيلِ الْإِجْمَالِيِّ الَّذِي هُوَ كُلِّيٌّ لَهُ بِجَعْلِ الدَّلِيلِ التَّفْصِيلِيِّ مُقَدِّمَةً صُغْرَى وَالْإِجْمَالِيَّ كُبْرَى هَكَذَا {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: ٧٢] أَمْرٌ وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ حَقِيقَةً يُنْتِجُ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ لِلْوُجُوبِ حَقِيقَةً.

وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمُرَجِّحَاتِ يُعْلَمُ بِمَعْرِفَتِهَا مَا هُوَ دَلِيلُ الْحُكْمِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ عِنْدَ تَعَارُضِهَا.

وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّ الْمُسْتَفِيدَ لِلْأَحْكَامِ مِنْ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ وَهُوَ الْمُجْتَهِدُ إنَّمَا يَكُونُ أَهْلًا لِاسْتِفَادَتِهَا مِنْهُ إذَا قَامَتْ بِهِ صِفَاتُ الِاجْتِهَادِ.

فَعُلِمَ أَنَّ ابْتِنَاءَ الْفِقْهِ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَهِيَ أُصُولُهُ فَيَكُونُ الْأُصُولِيُّ مَنْ يَعْرِفُهَا وَأَنَّ الْمُرَجِّحَاتِ وَصِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ طَرِيقَانِ لِاسْتِفَادَةِ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ دُونَ الْإِجْمَالِيَّةِ وَأَنَّ الْمُجْتَهِدَ هُوَ مَنْ يَعْرِفُ الدَّلَائِلَ الْمَذْكُورَةَ وَالْمُرَجِّحَاتِ وَقَامَتْ بِهِ صِفَاتُ الِاجْتِهَادِ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْأُصُولِيِّ وَالْمُجْتَهِدِ مِنْ حَيْثُ الصِّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي مُسَمَّى الْأُصُولِيِّ مَعْرِفَتُهَا وَفِي مُسَمَّى الْمُجْتَهِدِ قِيَامُهَا بِهِ لِاسْتِنْبَاطِهِ بِهَا الْأَحْكَامَ بِخِلَافِ الْأُصُولِيِّ. فَإِنْ قِيلَ يَقْتَضِي مَا ذَكَرْته كَوْنَ الدَّلَائِلِ التَّفْصِيلِيَّةِ أَيْضًا مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ لِابْتِنَائِهِ عَلَيْهَا.

أُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ مُسَلَّمٌ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ أَفْرَادُهَا غَيْرَ مُنْحَصِرَةٍ لَمْ يَحْسُنْ جَعْلُهَا جُزْءًا مِنْ مُسَمَّى الْأُصُولِ لِانْتِشَارِهَا فَفِي الْإِجْمَالِيَّةِ غِنًى عَنْهَا لِكَوْنِهَا كُلِّيَّاتِهَا وَيُعْلَمُ مِنْ الْكُلِّيَّاتِ حُكْمُ الْجُزْئِيَّاتِ هَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ وَذَهَبَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ أُصُولَ الْفِقْهِ دَلَائِلُ الْفِقْهِ الْإِجْمَالِيَّةُ فَقَطْ.

وَأَمَّا الْمُرَجِّحَاتُ وَصِفَاتُ الْمُجْتَهِدِ فَلَيْسَتَا مِنْ مُسَمَّى الْأُصُولِ بَلْ طَرِيقُ الِاسْتِفَادَةِ الدَّلَائِلُ الْإِجْمَالِيَّةُ الَّتِي هِيَ أُصُولُ الْفِقْهِ.

وَأَجَابَ عَنْ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ عَدَمُ ذِكْرِهِمَا فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ وَعَدَمُ ذِكْرِهِمَا فِي تَعْرِيفِ الْأُصُولِ بِأَنْ ذَكَرَهُمَا فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ عَلَى مَعْرِفَتِهِمَا وَإِنْ جَازَ فِي ذِكْرِهِمَا فِي تَعْرِيفِ الْأُصُولِيِّ فِي ذِكْرِهِمْ فِي تَعْرِيفِ الْفَقِيهِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْفِقْهُ فَذَكَرَ هُوَ فِي تَعْرِيفِ الْأُصُولِيِّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْأُصُولُ إشَارَةً لِلتَّوَقُّفِ الْمَذْكُورِ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُمَا فِي تَعْرِيفِ الْأُصُولِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهِمَا لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّهَا مِنْهُ وَتَبَعًا لِلْقَوْمِ فِي عَدَمِ ذِكْرِهِمَا فِي تَعْرِيفِ الْفِقْهِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>