للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقَضِيَّةُ الدَّوَامِ) عَلَى الْكَفِّ (مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِالْمَرَّةِ) فَإِنْ قُيِّدَ بِهَا نَحْوُ لَا تُسَافِرْ الْيَوْمَ إذْ السَّفَرُ فِيهِ مَرَّةٌ مِنْ السَّفَرِ كَانَتْ قَضِيَّتُهُ (وَقِيلَ) قَضِيَّةُ الدَّوَامِ (مُطْلَقًا) وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَرَّةِ يَصْرِفُهُ عَنْ قَضِيَّتِهِ (وَتَرِدُ صِيغَتُهُ) أَيْ لَا تَفْعَلْ (لِلتَّحْرِيمِ) نَحْوُ {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: ٣٢] (وَالْكَرَاهَةِ) {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] (وَالْإِرْشَادِ) {لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: ١٠١] (وَالدُّعَاءِ)

ــ

[حاشية العطار]

أَيْ نَفْسِيًّا كَانَ أَوْ لَفْظِيًّا (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) لَمْ يَقُلْ مَعْنَاهُ أَوْ مَدْلُولُهُ لِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ إلَّا فِي اللَّفْظِيِّ وَالْكَلَامُ فِي النَّفْسِيِّ وَأَيْضًا الدَّوَامُ لَازِمٌ لَهُ لِلُزُومِهِ لِلِامْتِثَالِ وَإِنَّمَا كَانَ قَضِيَّتُهُ الدَّوَامَ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الِامْتِنَاعَ عَنْ إدْخَالِ مَاهِيَّةِ الْفِعْلِ فِي الْوُجُودِ فَوَجَبَ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ دَائِمًا إذْ لَوْ أَتَى بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَرَّةً لَزِمَ دُخُولُهُ فِي الْوُجُودِ وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى النَّهْيِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الْفَوْرُ وَلِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ النَّكِرَةِ الْوَاقِعَةِ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمَرَّةِ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِغَيْرِ الدَّوَامِ لِيَشْمَلَ الْمَرَّتَيْنِ وَالْأَكْثَرَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ ذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمَرَّةِ بِطَرِيقِ الْمُقَايَسَةِ.

(قَوْلُهُ: نَحْوِ لَا تُسَافِرْ) أَيْ فِي سَفَرٍ طَوِيلٍ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ فِي أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَإِلَّا فَلَا يَقْتَضِي الْمَرَّةَ.

(قَوْلُهُ: كَانَتْ قَضِيَّتَهُ) اسْمُ كَانَ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ يَعُودُ لِلْمَرَّةِ وَقَضِيَّتَهُ نُصِبَ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ إنْ قَيَّدَ أَيْ كَانَتْ الْمَرَّةُ لَازِمَةً لَهُ نَظَرَ اللُّزُومِ الْعُرْفِيِّ وَلَا يَكُونُ الدَّوَامُ مُفَادَهُ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ: يَصْرِفُهُ عَنْ قَضِيَّتِهِ) وَهُوَ الدَّوَامُ فَهُوَ مَجَازٌ لِلْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ بِخِلَافِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ.

قَوْلُهُ {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ} [البقرة: ٢٦٧] أَيْ الرَّدِيءَ فَيُكْرَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ إذَا قُصِدَ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ غَيْرُهُ وَيُسْتَعْمَلُ الْخَبِيثُ بِمَعْنَى الْحَرَامِ كَمَا فِي آيَةِ {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: ١٥٧] وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا وَإِلَّا كَانَتْ الصِّيغَةُ لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ: وَالْإِرْشَادُ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَرَاهَةِ أَنَّ الْمَفْسَدَةَ الْمَطْلُوبَ دَرْؤُهَا فِيهِ دُنْيَوِيَّةٌ وَفِي الْكَرَاهَةِ دِينِيَّةٌ وَالْحَقُّ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ الصِّيغَةَ هُنَا لِلتَّحْرِيمِ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَسُؤْكُمْ فِي دِينِكُمْ.

(قَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ إلَخْ) الْغَرَضُ تَعْدِيدُ مَا يَأْتِي لَهُ النَّهْيُ مِنْ الْمَعَانِي الْمُسَمَّى بَعْضُهُ بِالدُّعَاءِ فِي بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>