للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِكَيْفِيَّةِ عَمَلٍ قَلْبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَالْعِلْمِ بِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ وَاجِبَةٌ وَأَنَّ الْوِتْرَ مَنْدُوبٌ (الْمُكْتَسَبِ) ذَلِكَ الْعِلْمُ (مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ) أَيْ مِنْ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ

ــ

[حاشية العطار]

اسْتِعْمَالًا.

(قَوْلُهُ: الْمُتَعَلِّقَةِ بِكَيْفِيَّةِ عَمَلٍ) مِنْ قَبِيلِ تَعَلُّقِ الْإِسْنَادِ بِطَرَفَيْهِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْكَامِ النِّسَبُ وَالْمُرَادُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَمَلِ مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ الْعَمَلَ وَمَحْمُولُهَا الْكَيْفِيَّةَ وَهِيَ الْوُجُوبُ وَأَخَوَاتُهُ كَمَا يُقَالُ الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ مَثَلًا، ثُمَّ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْعَمَلِ مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةُ أَنَّ تَعَلُّقَهَا بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُفِيدٌ بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَمُعْتَبَرَةٌ مَعَهُ حَتَّى يَرِدَ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَكُونَ الْكَيْفِيَّةُ عِبَارَةً عَنْ الْأَحْوَالِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْفِقْهِ بَلْ قَيْدٌ لِلْمَوْضُوعِ وَتَتِمَّةٌ لَهُ مَعْنَاهُ أَنَّ تَعَلُّقَهَا بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا يَثْبُتُ لَهَا الْكَيْفِيَّةُ وَأَنَّهَا مِنْ عَوَارِضِهَا لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا وَلَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَظَهَرَ أَنَّ مَوْضُوعَ عِلْمِ الْفِقْهِ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِينَ فَيُبْحَثُ عَنْهَا بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَمَوْضُوعُ مَسَائِلِهِ رَاجِعٌ لِمَوْضُوعِهِ بِأَنْ يَكُونَ ذَاتَه أَوْ نَوْعَهُ أَوْ عَرَضًا ذَاتِيًّا لَهُ أَوْ نَوْعًا مِنْ عَرَضِهِ الذَّاتِيِّ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ.

وَفِي كُتُبِ الْمَنْطِقِ مَسْطُورٌ، وَأُورِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ يُبْحَثُ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ عَنْ أَفْعَالِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَمُتْلَفَاتِ الْبَهَائِمِ وَأَنَّهُمْ عَدُّوا مِنْ الْفِقْهِ عِلْمَ الْفَرَائِضِ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَةُ.

وَالْجَوَابُ كَمَا أَفَادَهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَوَاشِي الْخَيَالِيِّ أَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ لَيْسَ مَوْضُوعُهَا رَاجِعًا إلَى فِعْلِ الْمُكَلَّفِ يَجِبُ تَأْوِيلُهَا حَتَّى يَرْجِعَ مَوْضُوعُهَا إلَيْهِ كَمَسْأَلَةِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى فِعْلِ الْوَلِيِّ وَأَنَّ مَوْضُوعَ عِلْمِ الْفَرَائِضِ قِسْمَةُ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ لَا التَّرِكَةُ إذْ الْمُبَيَّنُ فِيهِ أَحْوَالُ قِسْمَتِهَا بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْقِسْمَةُ مِنْ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ فَيَكُونَ مَوْضُوعُهُ الْعَمَلُ أَيْضًا.

وَأَمَّا مَا قَالَهُ سم وَتَبِعُوهُ فِيهِ مِنْ أَنَّ تَعْمِيمَ الْأَفْعَالِ يَجْعَلُهَا شَامِلَةً لِأَفْعَالِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ يَجْعَلُهَا شَامِلَةً لِغَيْرِ الْوُجُوبِ وَأَخَوَاتِهِ كَالْمَنْعِ وَالضَّرْبِ فِي نَحْوِ قَوْلِنَا زِنَا الصَّبِيِّ يُمْنَعُ مِنْهُ، وَالْأَمْرِ فِي قَوْلِنَا صَلَاةُ الصَّبِيِّ يُؤْمَرُ بِهَا لِسَبْعٍ وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ فَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ نَحْوَ الْمَنْعِ وَالْأَمْرِ وَالضَّرْبِ لَيْسَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمَعْرُوفَةِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَغَيْرِهِمَا وَتِلْكَ الْأَحْكَامُ هِيَ الْمُرَادَةُ بِكَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ كَمَا حَقَّقُوهُ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعَدُّدُ الْكَيْفِيَّاتِ وَتَكَثُّرُهَا الْمُؤَدِّي لِعَدَمِ الضَّبْطِ وَالِانْتِشَارِ وَأَنَّا إذَا وَجَدْنَا فِعْلَيْنِ تَعَلَّقَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ نَوْعَ تَعَلُّقٍ نَقُولُ الْفِعْلُ الْمُتَعَلِّقُ كَيْفِيَّةٌ لِلْمُتَعَلِّقِ بِهِ وَالْعَجَبُ مِنْهُ أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِأَنَّ كَيْفِيَّةَ الْعَمَلِ وُجُوبُهُ أَوْ حُرْمَتُهُ إلَخْ فِي سِيَاقِ رَدِّ قَوْلِ النَّاصِرِ أَنَّ كَيْفِيَّةَ الْعَمَلِ صُورَتُهُ وَهَيْئَتُهُ كَتَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ، ثُمَّ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ مَثَلًا وَأَنَّهُ سَهْوٌ وَلَقَدْ صَدَقَ فِي الْحُكْمِ بِالسَّهْوِ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِهِمْ.

وَأَمَّا الْبَحْثُ عَنْ اسْتِحَالَةِ الْخَمْرِ خَلًّا مَثَلًا وَعَنْ سَبَبِيَّةِ الزَّوَالِ لِلظُّهْرِ وَنَحْوِهِمَا فَيَرْجِعُ لِلتَّأْوِيلِ السَّابِقِ بِأَنْ يُقَالَ اسْتِعْمَالُ الْخَمْرِ الْمُسْتَحِيلَةِ خَلًّا جَائِزٌ وَالصَّلَاةُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الزَّوَالِ تَجِبُ قَالَ سم أَيْضًا.

وَأَمَّا قَوْلُنَا اعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ وَاجِبٌ فَالْعِلْمُ بِثُبُوتِ الْوَاجِبِ لِلِاعْتِقَادِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْفِقْهِ بِخِلَافِ الْعِلْمِ بِنَفْسِ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ فَمِنْ الْكَلَامِ وَيَرُدُّهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ عَلَى الْخَيَالِيِّ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ عَمَلُ الْجَوَارِحِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَنْدَرِجَ الِاعْتِقَادُ فِيهِ مِثْلُ قَوْلِهِمْ مَعْرِفَةُ اللَّهِ وَاجِبَةٌ فَيَكُونَ دَاخِلًا فِي الْفِقْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَقَالَ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّ أَكْثَرَ الْمَسَائِلِ الْكَلَامِيَّةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِنَفْسِ الِاعْتِقَادِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بَعْضُهَا بِكَيْفِيَّةٍ مِثْلِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَاجِبَةٌ أَيْ الِاعْتِقَادُ بِوُجُودِهِ وَصِفَاتِهِ وَاجِبٌ فَيَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِكَيْفِيَّةِ الِاعْتِقَادِ اهـ.

لَا يُقَالُ عَمَّمَ الشَّارِحُ الْفِعْلَ الْقَلْبِيَّ كَالنِّيَّةِ قُلْنَا النِّيَّةُ أَيْضًا مِنْ أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ لِتَعَلُّقِهَا بِالْقَلْبِ وَأَمَّا الِاعْتِقَادُ وَالْمَعْرِفَةُ وَنَحْوُهُمَا فَلَيْسَا مِنْ الْأَفْعَالِ الْقَلْبِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَقُولَةِ الْكَيْفِ وَلَوْ جَعَلْنَا أَمْثَالَ الِاعْتِقَادِيَّاتِ دَاخِلَةً فِي مَوْضُوعِ الْفِقْهِ لَزِمَ اخْتِلَاطُ مَسَائِلِهِ بِمَسَائِلِ الْكَلَامِ وَلَا يَصِحُّ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: ذَلِكَ الْعِلْمُ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>