للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ عَقِبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ جُهِلَ تَارِيخُهُمَا (خَصَّصَ) الْخَاصُّ الْعَامَّ (وَقِيلَ إنْ تَقَارَنَا تَعَارَضَا فِي قَدْرِ الْخَاصِّ كَالنَّصَّيْنِ) أَيْ كَالْمُخْتَلِفِينَ بِالنُّصُوصِيَّةِ بِأَنْ يَكُونَا خَاصَّيْنِ فَيَحْتَاجُ الْعَمَلُ بِالْخَاصِّ إلَى مُرَجِّحٍ لَهُ قُلْنَا الْخَاصُّ أَقْوَى مِنْ الْعَامِّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ لَا يُرَادَ مِنْ الْعَامِّ بِخِلَافِ الْخَاصِّ فَلَا حَاجَةَ إلَى مُرَجِّحٍ لَهُ.

(وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْمُتَأَخِّرُ) عَنْ الْخَاصِّ (نَاسِخٌ) لَهُ كَعَكْسِهِ بِجَامِعِ التَّأَخُّرِ قُلْنَا: الْفَرْقُ أَنَّ الْعَمَلَ بِالْخَاصِّ الْمُتَأَخِّرِ لَا يُلْغِي الْعَامَّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَالْخَاصُّ أَقْوَى مِنْ الْعَامِّ فِي الدَّلَالَةِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ قَالُوا (فَإِنْ جُهِلَ) التَّارِيخُ بَيْنَهُمَا (فَالْوَقْفُ) عَنْ الْعَمَلِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (أَوْ التَّسَاقُطُ) لَهُمَا قَوْلَانِ لَهُمْ مُتَقَارِبَانِ لِاحْتِمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَهُمْ لَأَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْآخَرِ مِثَالُ الْعَامِّ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] وَالْخَاصُّ أَنْ يُقَالَ: لَا تَقْتُلُوا أَهْلَ الذِّمَّةِ

ــ

[حاشية العطار]

الْخِطَابِ بِالْخَاصِّ أَوْ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَقِبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) أَيْ بِأَنْ وَرَدَ الْخَاصُّ بَعْدَ الْخِطَابِ بِالْعَامِّ وَقَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ وَبَيَّنَ الشَّارِحِ بِذَلِكَ أَنَّ التَّقَارُنَ مَجَازِيٌّ؛ إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّقَارُنُ الْحَقِيقِيُّ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الشَّارِعُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» وَيَقُولَ عَقِبَهُ «لَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ» أَوْ بِالْعَكْسِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِرْمَاوِيُّ: الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ تَأَخُّرِ الْخَاصِّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ فَيَكُونَ تَخْصِيصًا لِلْعَامِّ، وَبَيَانُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا بَقِيَ مِنْ أَفْرَادِهِ هُوَ الْمُرَادُ، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى الْمُرَجَّحِ فِي تَأَخُّرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ فَأَمَّا إنْ قِيلَ بِالْمَنْعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي كَوْنِهِ نَسْخًا لَا تَخْصِيصًا كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَسُلَيْمٌ قَالَ: وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ يَخْتَصُّ بِهَا، وَإِنَّمَا هُمَا الْقَوْلَانِ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ وَنَفْيِهِ، وَيُنْقَلُ كَوْنُهُ نَسْخًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَنْ مُعْظَمِ الْحَنَفِيَّةِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَرَاخَى الْخَاصُّ عَنْ الْعَامِّ بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ الِاعْتِقَادِ قَالُوا: لِأَنَّهُمَا دَلِيلَانِ وَبَيْنَ حُكْمَيْهِمَا تَنَافٍ فَيُجْعَلُ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا لِلْمُتَقَدِّمِ دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّخْصِيصَ أَقَلُّ مَفْسَدَةً مِنْ النَّسْخِ اهـ.

(قَوْلُهُ: خَصَّصَ الْخَاصُّ الْعَامَّ) أَيْ قَصَرَهُ عَلَى مَا عَدَا الْخَاصَّ فِي كُلِّ الصُّوَرِ، وَلَوْ مَعَ تَقَدُّمِ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ فِيهِ تَعْجِيلُ الْفَائِدَةِ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَالْمُخْتَلِفِينَ) أَيْ كَاللَّفْظَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ بِسَبَبِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا نَصٌّ فِي مَعْنَاهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَا خَاصَّيْنِ إلَخْ) بَيَّنَ بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّصِّ مَا يَعُمُّ الظَّاهِرَ لَا مَا يُقَابِلُهُ فَالْمُرَادُ بِخُصُوصِهِمَا خُصُوصُهُمَا بِمَوْرِدٍ وَاحِدٍ لَا خُصُوصُهُمَا الْمُقَابِلُ لِعُمُومِهِمَا فَيَشْمَلَانِ الْعَامَّيْنِ اهـ. ز.

(قَوْلُهُ: إلَى مُرَجِّحٍ) أَيْ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: الْخَاصُّ أَقْوَى) ؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ فِي مَدْلُولِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ لَا يُرَادَ) أَيْ ذَلِكَ الْخَاصُّ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ ظَنِّيَّةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْخَاصِّ) أَيْ إذَا كَانَا خَاصَّيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى مُرَجِّحٍ؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَيْهِ بِالصَّرَاحَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا حَاجَةَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْخَاصُّ أَقْوَى مِنْ الْعَامِّ إلَخْ فَالْقِيَاسُ عَلَى النَّصَّيْنِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ.

(قَوْلُهُ: كَعَكْسِهِ) أَيْ الْخَاصِّ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْعَامِّ أَيْ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَمَلِ قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: جَعَلَ الْحَنَفِيَّةُ الْخَاصَّ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ الْخِطَابِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَمَلِ نَاسِخًا لِمَا قَبْلَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِمْ إنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ قَطْعِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لَا يُلْغِي الْعَامَّ) أَيْ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَقْصُرُهُ عَلَى مَا عَدَا ذَلِكَ الْخَاصِّ، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَكْسِ أَيْ فَإِنَّهُ يُلْغِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ: فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ الْعَامُّ نَاسِخًا لِلْخَاصِّ بَلْ الْخَاصُّ مُبَيِّنٌ لِلْمُرَادِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَالْوَقْفُ) أَيْ إلَى أَنْ يَظْهَرَ التَّارِيخُ أَوْ مَا يُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا، أَوْ يَرْجِعُ إلَى غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: مُتَقَارِبَانِ) لِاتِّحَادِ ثَمَرَتِهِمَا، وَهِيَ عَدَمُ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ عِنْدَهُمْ بِالْمُتَأَخِّرِ (قَوْلُهُ: لَأَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا) لَمْ يَقُلْ: وَنَاسِخًا اقْتِصَارًا

<<  <  ج: ص:  >  >>