للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَلِيِّ قَدْ حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى الزَّوْجِ وَمَالِكٌ عَلَى الْوَلِيِّ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمَا {إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: ١] لِلْجَهْلِ بِمَعْنَاهُ قَبْلَ نُزُولِ مُبَيِّنِهِ أَيْ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] إلَخْ وَيَسْرِي الْإِجْمَالُ إلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْ {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة: ١] {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: ٧] لِتَرَدُّدِ لَفْظِ " الرَّاسِخُونَ " بَيْنَ الْعَطْفِ وَالِابْتِدَاءِ، وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الِابْتِدَاءِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ، وَعَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْمُوضَعَاتِ اللُّغَوِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمُتَشَابِهَ مَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ

(وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ) فِيمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا «لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ» ) لِتَرَدُّدِ ضَمِيرِ جِدَارِهِ بَيْنَ عَوْدِهِ إلَى الْجَارِ، وَإِلَى الْأَحَدِ وَتَرَدَّدَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَنْعِ لِذَلِكَ، وَالْجَدِيدُ الْمَنْعُ لِحَدِيثِ خُطْبَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فِي مُعْظَمِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ فِي بَعْضِهِ وَخَشَبَةً فِي الْأَوَّلِ رُوِيَ بِالْإِفْرَادِ مُنَوَّنًا، وَالْأَكْثَرُ بِالْجَمْعِ مُضَافًا (وَقَوْلُك زَيْدٌ طَبِيبٌ مَاهِرٌ) لِتَرَدُّدِ مَاهِرٍ بَيْنَ رُجُوعِهِ إلَى طَبِيبٍ وَإِلَى زَيْدٍ وَيَخْتَلِفُ الْمَعْنَى بِاعْتِبَارِهِمَا (الثَّلَاثَةُ زَوْجٌ وَفَرْدٌ) لِتَرَدُّدِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ بَيْنَ

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: وَالْوَلِيِّ) فَالْوَلِيُّ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ابْتِدَاءً فَإِنْ رُوعِيَتْ كَانَ الْوَلِيُّ أَظْهَرَ، وَإِنْ رَوْعِي قَوْلُهُ: بِيَدِهِ كَانَ الزَّوْجُ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) أَيْ وَإِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِعَاطِفٍ مُقَدَّرٍ فِي الْمَتْنِ أَيْ يُتْلَى عَلَيْكُمْ تَحْرِيمُهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ نُزُولِ مُبَيِّنِهِ) أَيْ وَأَمَّا بَعْدَ مُبَيِّنِهِ فَهُوَ مُتَّضِحٌ (قَوْلُهُ: وَيَسْرِي الْإِجْمَالُ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَجْهُولَ مِنْ مَعْلُومٍ يَصِيرُ الْكُلُّ مَجْهُولًا لَكِنَّ الْإِجْمَالَ فِي الْمُسْتَثْنَى أَصَالَةً وَفِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ سِرَايَةً (قَوْلُهُ: أَيْ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ) أَيْ أُحِلَّ لَكُمْ أَكْلُهَا بَعْدَ الذَّبْحِ (قَوْلُهُ: لَفْظِ الرَّاسِخُونَ) أَيْ فَالْإِجْمَالُ فِيهِ وَكَذَلِكَ فِي الْوَاوِ إجْمَالٌ لِتَرَدُّدِ مَا بَيْنَ كَوْنِهِمَا عَاطِفَةً أَوْ اسْتِئْنَافِيَّةً (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ) لَا يُقَالُ: كَيْفَ يَكُونُ مَا قَدَّمَهُ مَبْنِيًّا عَلَى هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا قَدَّمَهُ وَقَدْ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْفِيَائِهِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الِابْتِدَاءِ أَنَّ أَحَدًا غَيْرَهُ - تَعَالَى لَا يَعْلَمُهُ وَمُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ أَنَّ غَيْرَهُ قَدْ يَعْلَمُهُ لِقَوْلِهِ فِيهِ وَقَدْ يَطَّلِعُ إلَخْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَنْفِيُّ بِمُقْتَضَى مَا هُنَا الْعِلْمُ الْمُعْتَادُ لِغَيْرِهِ - تَعَالَى، بِأَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ - تَعَالَى - طَرِيقٌ مُعْتَادٌ فِي اسْتِعْلَامِهِ وَالْمُثْبَتُ بِمُقْتَضَى مَا هُنَاكَ الْعِلْمُ بِاطِّلَاعِ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ فَلَا مُنَافَاةَ اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِ ضَمِيرِ جِدَارِهِ) أَيْ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا قُرْبَ الْمَرْجِعِ قَرِينَةً (قَوْلُهُ: وَالْجَدِيدُ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ وَضْعِ خَشَبِ الشَّخْصِ فِي جِدَارِ جَارِهِ

(قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ خُطْبَةِ إلَخْ) أَيْ وَلِمُوَافَقَتِهِ لِلْغَالِبِ مِنْ رُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَى الْأَقْرَبِ وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ الْجَارُ اهـ. ز (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْفَرِدَ عَنْ مُسْلِمٍ فِيمَا شَرَطَهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْمُعَاصَرَةِ وَاللُّقَى اللَّذَيْنِ هُمَا شَرْطُ الْبُخَارِيِّ وُجُودُ الْمُعَاصَرَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطُ مُسْلِمٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَكُلُّ إلَخْ وَمُسْلِمٌ مُنْفَرِدٌ إلَخْ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْطِ هُنَا الرِّجَالُ لَا الشَّرْطُ الْمَعْرُوفُ (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ بِالْجَمْعِ) فَهُوَ بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ الشَّيْنِ، أَوْ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالشِّينِ وَالْهَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَلِفُ الْمَعْنَى) فَإِنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ إلَى زَيْدٍ كَانَ مَاهِرًا فِي كُلِّ شَيْءٍ سَوَاءٌ كَانَ طِبًّا وَغَيْرَهُ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى طَبِيبٍ كَانَ مَاهِرًا فِي الطِّبِّ فَقَطْ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَمَسْكُوتٌ عَنْهُ قِيَاسُ مَا اخْتَارَهُ الشَّافِعِيُّ فِيمَا قَبْلَهُ رُجُوعُ مَاهِرٍ إلَى طَبِيبٍ (قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِ الثَّلَاثَةِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ التَّقْدِيرَ أَجْزَاءٌ ثَلَاثَةٌ زَوْجٌ وَفَرْدٌ أَيْ جُزْءَاهَا، وَهُمَا اثْنَانِ وَوَاحِدٌ فَالْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ التَّقْدِيرَ صِفَاتُ الثَّلَاثَةِ زَوْجٌ وَفَرْدٌ فَالثَّلَاثَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ عَلَيْهَا بِهَذَا الْحُكْمِ بِاعْتِبَارِ أَجْزَائِهَا فَلَا يَلْزَمُ اتِّصَافُهَا بِالصِّفَتَيْنِ بَلْ اتِّصَافُ أَجْزَائِهَا أَيْ جُزْأَيْهَا بِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ صِفَاتِهَا فَيَلْزَمُ اتِّصَافُهَا بِالصِّفَتَيْنِ مَعَ اسْتِحَالَتِهِ فَالْمُدَّعَى إجْمَالُهُ لَفْظُ الثَّلَاثَةِ وَلَا مَعْنَى لِإِجْمَالِهِ إلَّا تَرَدُّدُهُ بَيْنَ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْأَجْزَاءُ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ الصِّفَاتُ، وَأَمَّا تَرَدُّدُ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ اتِّصَافِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>