للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَالِمٌ عَنْ هَذَا التَّخَلُّفِ وَتَقْسِيمُ الْخَبَرِ عَلَيْهِ إلَى الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِاعْتِبَارِ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ النِّسْبَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَيُقَاسُ عَلَى الْخَبَرِ فِي الْإِثْبَاتِ الْخَبَرُ فِي النَّفْي فَيُقَالُ: مَدْلُولُهُ الْحُكْمُ بِانْتِفَاءِ النِّسْبَةِ، وَقِيلَ: انْتِفَاؤُهَا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْخَبَرِ كَذِبًا أَوْضَحُ كَمَا قَالَ مِنْ عِبَارَةِ الْمَحْصُولِ لَمْ يَكُنْ الْكَذِبُ خَبَرًا وَمِنْ عِبَارَةِ التَّحْصِيلِ وَغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ الْخَبَرُ كَذِبًا.

(وَمَوْرِدُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ) فِي الْخَبَرِ (النِّسْبَةُ الَّتِي تَضَمَّنَهَا لَيْسَ غَيْرُ كَقَائِمٌ فِي: زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو قَائِمٌ لَا بُنُوَّةُ زَيْدٍ) لِعَمْرٍو

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: سَالِمٌ عَنْ هَذَا التَّخَلُّفِ) لِأَنَّ النِّسْبَةَ الْحُكْمِيَّةَ لَا تَتَخَلَّفُ، وَلَا يُرَدُّ خَبَرُ الشَّاكِّ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّخَلُّفُ الْمَخْصُوصُ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهَا إنْ طَابَقَتْ النِّسْبَةَ الْحُكْمِيَّةَ الْخَارِجِيَّةَ فَصِدْقٌ، وَإِلَّا فَكَذِبٌ (قَوْلُهُ: أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَحْصُولِ إلَخْ) فَإِنَّ عِبَارَتَهُ صَادِقَةٌ بِالسَّلْبِ الْجُزْئِيِّ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ السَّلْبُ الْكُلِّيُّ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرَةٌ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَمَوْرِدُ الصِّدْقِ إلَخْ) جَعَلَ النِّسْبَةَ مَحَلَّ وُرُودِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَهُوَ مَحَلٌّ مَجَازِيٌّ، وَالْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ الْمَنْسُوبُ، فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرٍ فِي قَوْلِهِ: كَقَائِمٌ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَبْقَى النِّسْبَةُ عَلَى حَالِهَا، وَهِيَ اتِّصَافُ ذَاتِ الْمَوْضُوعِ بِمَفْهُومِ الْمَحْمُولِ فَقَوْلُهُ: كَقَائِمٌ أَيْ كَنِسْبَةِ " قَائِمٌ " وَقَوْلُهُ: فِي الْخَبَرِ مُصَرِّحٌ بِهِ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي تَضَمُّنِهَا (قَوْلُهُ: الَّتِي تَضَمَّنَهَا) أَيْ النِّسْبَةَ الْإِسْنَادِيَّةَ الَّتِي تَضَمَّنَهَا تَضَمُّنًا مَقْصُودًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لَيْسَ غَيْرُ) أَيْ لَا زَائِدَ عَلَيْهَا مِنْ النِّسَبِ التَّقْيِيدِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَقَائِمٌ) أَيْ كَنِسْبَةِ " قَائِمٌ " الَّتِي هِيَ ثُبُوتُ الْقِيَامِ وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ بِظَاهِرِهِ يُفِيدُ أَنَّ النِّسْبَةَ فِي: زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو قَائِمٌ هِيَ نِسْبَةُ " قَائِمٌ " إلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ، وَأَنَّهَا هِيَ قِيَامُ زَيْدٍ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُمَا صَحِيحًا.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ النِّسْبَةَ الْمَقْصُودَةَ بِالْأَصَالَةِ الَّتِي هِيَ النِّسْبَةُ الْحُكْمِيَّةُ هِيَ الْمُرْتَبِطَةُ بَيْنَ " قَائِمٌ، وَزَيْدٌ " وَأَمَّا نِسْبَةُ " قَائِمٌ " إلَى ضَمِيرِهِ فَغَيْرُ مُتَلَفَّتٍ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ النِّسْبَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الصِّفَاتِ نِسَبٌ تَقْيِيدِيَّةٌ غَيْرُ تَامَّةٍ لَا تَقْتَضِي انْفِرَادَ الْمَعْنَى عَنْ غَيْرِهِ، وَأَيْضًا هِيَ نِسَبٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ أَصَالَةً مِنْ التَّرْكِيبِ؛ فَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يُلَاحَظَ فِيهَا جَانِبُ الذَّاتِ فَتُجْعَلَ مَحْكُومًا عَلَيْهَا، وَتَارَةً جَانِبُ الْوَصْفِ كَالْقِيَامِ فَتُجْعَلَ مَحْكُومًا بِهَا، وَأَمَّا النِّسْبَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا فَلَا تَصْلُحُ لِلْحُكْمِ عَلَيْهَا وَلَا لِلْحُكْمِ بِهَا لَا وَحْدَهَا وَلَا مَعَ غَيْرِهَا لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا، وَهَذَا جَعَلَ النُّحَاةَ إيَّاهَا مِنْ قَبِيلِ الْمُفْرَدَاتِ

وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ قِيَامَ زَيْدٍ مَضْمُونُ الْجُمْلَةِ، وَهُوَ غَيْرُ النِّسْبَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ صَرْفِ كَلَامِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَقَائِمٌ الْمُسْنَدُ إلَى ضَمِيرِ زَيْدٍ إلَخْ الْمُسْنَدُ إلَى زَيْدٍ الْمُشْتَمِلِ قَائِمٌ عَلَى ضَمِيرِهِ فَإِنَّ الضَّمِيرَ لَمَّا كَانَ عَيْنَ زَيْدٍ كَانَ الْإِسْنَادُ أَيْ الْإِخْبَارُ عَنْ زَيْدٍ إخْبَارًا عَنْ ضَمِيرِهِ، وَتَقْدِيرُ مُضَافٍ فِي قَوْلِهِ قِيَامُ زَيْدٍ كَمَا قُلْنَا، وَالْخَطْبُ سَهْلٌ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْعُلُومِ الْحُكْمِيَّةِ أَنَّ النَّفْسَ لَا تُلْفَتُ لِشَيْئَيْنِ مَعًا قَصْدًا، وَقَدْ اعْتَبَرَ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ فَقَدْ ذَكَرَ السَّيِّدُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>