للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَاوِيَانِ فَأَكْثَرُ وَالْمُنْقَطِعُ مَا سَقَطَ مِنْهُ رَاوٍ فَأَكْثَرُ وَعَرَّفَهُ الْعِرَاقِيُّ بِمَا سَقَطَ مِنْهُ وَاحِدٌ غَيْرُ الصَّحَابِيِّ لِيَنْفَرِدَ عَنْ الْمُعْضَلِ وَالْمُرْسَلِ (وَاحْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ) وَأَحْمَدُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ (وَالْآمِدِيُّ مُطْلَقًا) قَالُوا: لِأَنَّ الْعَدْلَ لَا يُسْقِطُ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ إلَّا، وَهُوَ عَدْلٌ عِنْدَهُ، وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ تَلْبِيسًا قَادِحًا فِيهِ (وَقَوْمٌ) إنْ كَانَ الْمُرْسِلُ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالشَّعْبِيِّ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فَقَدْ يَظُنُّ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ عَدْلًا فَيُسْقِطُهُ لِظَنِّهِ (ثُمَّ هُوَ) عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِهِ (أَضْعَفُ مِنْ الْمُسْنَدِ) أَيْ الَّذِي اتَّصَلَ سَنَدُهُ فَلَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ أَحَدٌ (خِلَافًا لِقَوْمٍ) فِي قَوْلِهِمْ إنَّهُ أَقْوَى مِنْ الْمُسْنَدِ قَالُوا؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ لَا يُسْقِطُ إلَّا مَنْ يَجْزِمُ بِعَدَالَتِهِ بِخِلَافِ مَنْ يَذْكُرُهُ فَيَحِلُّ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَأُجِيبَ بِمَنْعِ ذَلِكَ

(وَالصَّحِيحُ رَدُّهُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ) الْإِمَامُ (الشَّافِعِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ) قَالَ (مُسْلِمٌ) فِي صَدْرِ صَحِيحِهِ (وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ) لِلْجَهْلِ بِعَدَالَةِ السَّاقِطِ، وَإِنْ كَانَ صَحَابِيًّا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ طَرَأَ لَهُ قَادِحٌ (فَإِنْ كَانَ) الْمُرْسِلُ (لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ عَدْلٍ) كَأَنْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: رَاوِيَانِ فَأَكْثَرُ) أَيْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَعَلَى هَذَا لَوْ سَقَطَ رَاوِيَانِ فَأَكْثَرُ مِنْ مَوْضِعَيْنِ فَهُوَ مُعْضَلٌ مِنْ مَوْضِعَيْنِ وَيُقَاسُ بِهِ الْمُنْقَطِعُ اهـ. زَكَرِيَّا

(قَوْلُهُ: وَاحْتَجَّ بِهِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُنْقَطِعِ وَالْمُعْضَلِ مِنْ مَحَلِّ هَذَا الْخِلَافِ لِصِدْقِ الْمُرْسَلِ بِالْمَعْنَى الْأُصُولِيِّ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا عُلِمَ فَيُحْتَجُّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَمَنْ وَافَقَهُمَا، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: وَالْآمِدِيُّ) اللَّائِقُ بِالْأَدَبِ أَنْ يُقَالَ وَاحْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ؛ لَا أَنْ يُنْظَمَ الْآمِدِيُّ مَعَ الْإِمَامَيْنِ فِي سِلْكٍ بِأُسْلُوبٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الِاحْتِجَاجَ إنَّمَا هُوَ لِلْإِمَامَيْنِ الْمُجْتَهِدَيْنِ لَا لِلْآمِدِيِّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَيَّدَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ يَعْنِي احْتِجَاجَ الْمَذْكُورَيْنِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُرْسَلُهُ مِمَّنْ لَا يَحْتَرِزُ وَيُرْسِلُ عَنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ فَإِنْ كَانَ فَلَا خِلَافَ فِي رَدِّهِ وَقَالَ غَيْرُهُ مَحَلُّ قَبُولِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَا إذَا كَانَ مُرْسَلُهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْفَاضِلَةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا لِحَدِيثٍ ثَمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ صَحَّحَهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَجْمَعَ التَّابِعُونَ بِأَسْرِهِمْ عَلَى قَبُولِ الْمُرْسَلِ، وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُمْ إنْكَارُهُ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُمْ إلَى رَأْسِ الْمِائَتَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَأَنَّهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوَّلُ مَنْ رَدَّهُ وَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فَقَوَّاهُ عَلَى الْمُسْنَدِ وَقَالَ مَنْ أَسْنَدَ فَقَدْ أَحَالَكَ وَمَنْ أَرْسَلَ فَقَدْ تَكَفَّلَ لَك اهـ. سُيُوطِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَقُوِّمَ إنْ كَانَ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَئِمَّةَ الْأُوَلَ يُطْلِقُونَ، وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ مَقَامِهِمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ إلَّا مَرَاسِيلَ الثِّقَاتِ

(قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِمْ إلَخْ) لَمَّا كَانَتْ عِبَارَةُ الْمَتْنِ مُحْتَمِلَةً التَّسَاوِي صَرَّحَ الشَّارِحُ بِالْمُرَادِ بِقَوْلِهِ فِي قَوْلِهِمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ الِاحْتِجَاجِ بِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ عَاضِدٌ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَأَهْلُ الْعِلْمِ) أَيْ وَمِنْهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ فَهُوَ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى الشَّافِعِيِّ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الْقَاضِي (قَوْلُهُ:، وَإِنْ كَانَ صَحَابِيًّا) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُمْ عُدُولٌ لَا يُبْحَثُ عَنْ حَالِهِمْ اهـ.

وَأَقُولُ هُوَ إشْكَالٌ قَوِيٌّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ يُبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِمْ اهـ. سم

(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَنْ طَرَأَ لَهُ مِنْهُمْ قَادِحٌ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ عَدْلٍ) لَا يُقَالُ هَذَا يُنَافِي تَضْعِيفَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَقُوِّمَ إنْ كَانَ الْمُرْسِلُ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ عَدْلٍ، كَمَا هُوَ حَاصِلُ مَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فَقَدْ يَظُنُّ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ عَدْلًا فَيُسْقِطُهُ لِظَنِّهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ فَرْقٌ كَبِيرٌ بَيْنَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ عَدْلٍ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى حَالِهِ لَا يُسْقِطُ إلَّا الْعَدْلَ كَمَا فِي مَنْ هُوَ أَئِمَّةُ النَّقْلِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مَعْلُومُ الْحَالِ بِخِلَافِ هَذَا وَذَاكَ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ الْعَدْلِ فِي حَالَتَيْ الذِّكْرِ وَالْإِسْقَاطِ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّ الدَّلِيلَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ إلَّا الْعَدْلَ، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ الْعَدْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم

<<  <  ج: ص:  >  >>