للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قَالَ {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: ٣٣] » .

وَأُجِيبَ بِمَنْعِ أَنَّ الْخَطَأَ رِجْسٌ وَالرِّجْسُ قِيلَ الْعَذَابُ وَقِيلَ الْإِثْمُ وَقِيلَ كُلُّ مُسْتَقْذَرٍ وَمُسْتَنْكَرٍ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ وَقَالَ «الْخِلَافَةُ مِنْ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ تَكُونُ مِلْكًا» أَيْ تَصِيرُ، أَخْرَجَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَحْمَدُ فِي الْمَنَاقِبِ وَكَانَتْ مُدَّةُ الْأَرْبَعَةِ هَذِهِ الْمُدَّةُ إلَّا سِتَّةَ أَشْهُرٍ مُدَّةُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَدْ حَثَّ عَلَى اتِّبَاعِهَا فَيَنْتَفِي عَنْهُمْ الْخَطَأُ.

وَأُجِيبَ بِمَنْعِ انْتِفَائِهِ، وَأَمَّا فِي الرَّابِعَةِ فَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ أَمَرَ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمَا فَيَنْتَفِي عَنْهُمَا الْخَطَأُ.

وَأُجِيبَ بِمَنْعِ انْتِفَائِهِ، وَأَمَّا فِي الْخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ فَلِأَنَّ إجْمَاعَ مَنْ ذُكِرَ فِيهَا إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا بِالْحَرَمَيْنِ وَانْتَشَرُوا إلَى الْمِصْرَيْنِ.

وَأُجِيبَ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي عَصْرِهِمْ عَلَى أَنَّ فِيمَا ذُكِرَ تَخْصِيصُ الدَّعْوَى بِعَصْرِ الصَّحَابَةِ.

(وَ) عُلِمَ (أَنَّهُ) (لَا يُشْتَرَطُ) فِي الْمُجْمِعِينَ (عَدَدُ التَّوَاتُرِ) لِصِدْقِ مُجْتَهِدِ الْأُمَّةِ بِمَا دُونَ ذَلِكَ (وَخَالَفَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ) فَشُرِطَ ذَلِكَ نَظَرًا لِلْعَادَةِ.

(وَ) عُلِمَ (أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ) فِي الْعَصْرِ (إلَّا) مُجْتَهِدٌ (وَاحِدٌ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ) أَقَلُّ مَا يَصْدُقُ بِهِ اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِ الْأُمَّةِ اثْنَانِ (وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ (الْمُخْتَارُ) لِانْتِفَاءِ الْإِجْمَاعِ عَنْ الْوَاحِدِ وَقِيلَ يُحْتَجُّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إجْمَاعًا لِانْحِصَارِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ.

ــ

[حاشية العطار]

قَوْلُهُ: الرِّجْسَ) تُبْدَلُ الْجِيمُ كَافًا فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ وَتُبْدَلُ السِّينُ أَيْضًا زَايًا، وَأَمَّا الرِّكْزُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: ٩٨] فَالْمُرَادُ بِهِ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ مِرْطٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ أَوْ خَزٍّ أَوْ كَتَّانٍ وَقِيلَ هُوَ الْإِزَارُ وَمُرَحَّلٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فِيهِ خُطُوطٌ (قَوْلُهُ: وَالرِّجْسُ قِيلَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِي) مُتَعَلِّقٌ بِالْخُلَفَاءِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْهُ وَقَوْلُهُ تَمَسَّكُوا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْكُمْ وَتَفْسِيرٌ لَهُ (قَوْلُهُ: الْخِلَافَةُ بَعْدِي إلَخْ) فِيهِ تَفْسِيرٌ لِلْخُلَفَاءِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مُدَّةَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) فَإِنَّهُ وَلِيَ الْخِلَافَةَ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ بِمُبَايَعَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَأَقَامَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامًا فَهُوَ آخِرِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَقَضِيَّتُهُ اعْتِبَارُ مُوَافَقَتِهِ لَهُمْ فَيُشْكِلُ بِعَدَمِ عَدِّهِ فِيهِمْ فِي هَذَا الْقَوْلِ إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ بِقِصَرِ مُدَّتِهِ وَاشْتِغَالِهِ فِيهَا عَنْ النَّظَرِ لِتَرَادُفِ الْفِتَنِ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِمَنْعِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِهِمْ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الشَّيْخَيْنِ (قَوْلُهُ: إلَى الْمِصْرَيْنِ) يَعْنِي الْكُوفَةَ وَالْمَدِينَةَ أَيْ مُعْظَمَهُمْ وَإِلَّا فَقَدْ انْتَشَرُوا فِي جَمِيعِ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ لِاتِّسَاعِ نِطَاقِ دَائِرَةِ الْإِسْلَامِ بِكَثْرَةِ الْفُتُوحَاتِ (قَوْلُهُ: بِعَصْرِ الصَّحَابَةِ) أَيْ وَالْإِجْمَاعُ لَا يَخْتَصُّ بِعَصْرِهِمْ.

(قَوْلُهُ: فَشُرِطَ ذَلِكَ نَظَرًا لِلْعَادَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْعَادَةَ عِنْدَ شَارِطِهِ وَهُوَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ تَحْكُمُ بِأَنَّ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَا يُجْمِعُونَ عَلَى الْقَطْعِ فِي شَيْءٍ بِمُجَرَّدِ تَوْثِيقٍ أَوْ ظَنٍّ بَلْ لَا يَقْطَعُونَ بِشَيْءٍ إلَّا عَنْ قَاطِعٍ اهـ.

زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) الَّذِي عُلِمَ إنَّمَا هُوَ انْتِفَاءُ الْإِجْمَاعِ لَا انْتِفَاءُ الْحُجَّةِ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>