فَإِنَّهَا دَائِرَةٌ مَعَهُ وُجُودًا، وَعَدَمًا بِأَنْ يَصِيرَ خَلًّا وَلَيْسَ عِلَّةً (وَقِيلَ) هُوَ (قَطْعِيٌّ) فِي إفَادَةِ الْعِلِّيَّةِ وَكَأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ قَالَهُ عِنْدَ مُنَاسَبَةِ الْوَصْفِ كَالْإِسْكَارِ لِحُرْمَةِ الْخَمْرِ (وَالْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِلْأَكْثَرِ) أَنَّهُ (ظَنِّيٌّ) لَا قَطْعِيُّ لِقِيَامِ الِاحْتِمَالِ السَّابِقِ (وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَدِلَّ) بِهِ (بَيَانُ نَفْيٍ) أَيْ انْتِفَاءِ (مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ) بِإِفَادَةِ الْعِلِّيَّةِ بَلْ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِدْلَالِ بِمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّبَهِ (فَإِنْ أَبْدَى الْمُعْتَرِضُ وَصْفًا آخَرَ) أَيْ غَيْرَ الْمَدَارِ (تَرَجَّحَ جَانِبُ الْمُسْتَدِلِّ بِالتَّعْدِيَةِ) لِوَصْفِهِ عَلَى جَانِبِ الْمُعْتَرِضِ حَيْثُ يَكُونُ وَصْفُهُ قَاصِرًا (وَإِنْ كَانَ) وَصْفُ الْمُعْتَرِضِ (مُتَعَدِّيًا إلَى الْفَرْعِ) الْمُتَنَازَعِ فِيهِ (ضَرَّ) إبْدَاؤُهُ (عِنْدَ مَانِعِ الْعِلَّتَيْنِ) دُونَ مُجَوِّزِهِمَا
ــ
[حاشية العطار]
عَلَى هَذَا مَسْلَكًا أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فِيمَا إذَا اُلْتُفِتَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا دَائِرَةٌ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمُسْكِرِ مِنْ حَيْثُ الْإِسْكَارُ وُجُودًا وَعَدَمًا وَيُوجَدُ الْحُكْمُ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ عِنْدَ وُجُودِهَا وَيَنْعَدِمُ عِنْدَ انْعِدَامِهَا فَالشَّارِحُ سَكَتَ عَنْ مُلَازَمَةِ الْحُكْمِ لَهَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ الْمَتْنِ، وَقَدَّرَ مُلَازَمَتَهَا لِلْعِلْمِ الْمَانِعَةَ مِنْ إفَادَةِ الْعِلِّيَّةِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: إنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ انْطِبَاقَ الدَّوَرَانِ عَلَى الْمِثَالِ فَيَكُونُ ضَمِيرُ مَعَهُ لِلْحُكْمِ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ وَتَخَلَّفَتْ الْعِلِّيَّةُ عَنْ هَذَا الدَّوَرَانِ اهـ. نَجَّارِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ قَائِلَ هَذَا) أَيْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ قَطْعِيٌّ قَالَهُ عِنْدَ مُنَاسَبَةِ الْوَصْفِ إلَخْ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمُنَاسَبَةِ فَغَيْرُ قَطْعِيٍّ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى تَفْصِيلٍ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمُنَاسِبِ بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِ الِاحْتِمَالِ السَّابِقِ) ، وَهُوَ قَوْلُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُلَازِمًا إلَخْ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يُفِيدُ نَفْيَ الْقَطْعِيَّةِ لَا إثْبَاتَ الظَّنِّيَّةِ إذْ قِيَامُ الِاحْتِمَالِ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لَا يُوجِبُ ظَنَّ الطَّرَفِ الْآخَرِ بَلْ يُحْتَمَلُ حِينَئِذٍ الشَّكُّ أَيْضًا أَوْ الْوَهْمُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِدْلَال عَلَى مُجَرَّدِ نَفْيِ الْقَطْعِيَّةِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا قَطْعِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ انْتِفَاءِ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ نَفْيَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الِانْتِفَاءِ إذْ الْمُتَوَهَّمُ بِتَقْدِيرِ اللُّزُومِ هُوَ بَيَانُ انْتِفَاءِ مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ مِنْ الْمَالِكِ لَا بَيَانُ وُقُوعِ النَّفْيِ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ مِنْ الْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّبَهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا يُصَارُ إلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ قِيَاسِ الْعِلَّةِ كَمَا أَفَادَهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّعَذُّرِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبْدَى الْمُعْتَرِضُ إلَخْ) كَأَنْ اسْتَدَلَّ بِالدَّوَرَانِ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي حُرْمَةِ الرِّبَا فِي الذَّهَبِ النَّقْدِيَّةُ فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ الذَّهَبِيَّةُ تَرَجَّحَ جَانِبُ الْمُسْتَدِلِّ؛ لِأَنَّ عِلَّتَهُ مُتَعَدِّيَةٌ لِلْفِضَّةِ.
(قَوْلُهُ: ضَرَّ إبْدَاؤُهُ) الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِضَرَرِ الْإِبْدَاءِ الِانْقِطَاعَ بَلْ الِاحْتِيَاجَ إلَى التَّرْجِيحِ فَإِنْ عَجَزَ انْقَطَعَ وَقَوْلُهُ الْآتِي طَلَبَ التَّرْجِيحَ أَيْ عِنْدَ مَانِعِ الْعِلَّتَيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ غَيْرُهُ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ جَعَلَ حُكْمَ الْأَوَّلِ الضَّرَرَ وَبَنَاهُ عَلَى مَنْعِ الْعِلَّتَيْنِ وَحُكْمَ الثَّانِي طَلَبَ التَّرْجِيحِ وَبَنَاهُ عَلَى مَا ذُكِرَ مَعَ أَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ يَجْرِي فِي الْآخَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute