فَلَا يَقْدَحُ (وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ فُقَهَائِنَا، وَقِيلَ يَقْدَحُ إلَّا أَنْ يَرِدَ عَلَى جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ كَالْعَرَايَا) ، وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ قَبْلَ الْقَطْعِ بِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ، فَإِنَّ جَوَازَهُ وَارِدٌ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ فِي عِلَّةِ حُرْمَةِ الرِّبَا مِنْ الطَّعْمِ وَالْقُوتِ وَالْكَيْلِ وَالْمَالِ فَلَا يَقْدَحُ.
(وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ) الرَّازِيّ وَنَقَلَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ حُرْمَةَ الرِّبَا لَا تُعَلَّلُ إلَّا بِأَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ (وَقِيلَ يَقْدَحُ فِي) الْعِلَّةِ (الْحَاظِرَةِ) دُونَ الْمُبِيحَةِ؛ لِأَنَّ الْحَظْرَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَتُقَدَّمَ فِيهِ الْإِبَاحَةُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (وَقِيلَ) يَقْدَحُ (فِي الْمَنْصُوصَةِ إلَّا) إذَا ثَبَتَتْ
ــ
[حاشية العطار]
عَنْهُ فِي الْأَبِ وَالسَّيِّدِ لِمَانِعِ الْأُبُوَّةِ وَالسِّيَادَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ فَقْدِ شَرْطٍ كَتَعْلِيلِ وُجُوبِ الرَّجْمِ بِالزِّنَا فَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهُ فِي الْبِكْرِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ الْإِحْصَانِ فَلَا يَقْدَحُ التَّخَلُّفُ فِيهِمَا فِي الْعِلَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْصُوصَةً أَوْ مُسْتَنْبَطَةً.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَقْدَحُ) ؛ لِأَنَّ التَّخَلُّفَ لِمَانِعٍ لَا يُبْطِلُ كَوْنَ الْوَصْفِ عِلَّةً فِي حَدِّ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرِدَ) أَيْ التَّخَلُّفُ أَيْ الِاعْتِرَاضُ بِهِ وَيُجِيبُ الْفُقَهَاءُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّخَلُّفَ فِيهِ لِفِقْدَانِ شَرْطٍ مَثَلًا أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ أَوْ يَجْعَلُهُ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ كَأَنْ يُقَالَ مَثَلًا الطَّعْمُ عِلَّةُ الرِّبَا لَا فِي بَيْعِ الْعَرَايَا لِدَلِيلٍ يَخُصُّهَا لِئَلَّا يَرِدَ النَّقْضُ عَلَيْهِمْ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمُصَرَّحُ بِهِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَمِيعُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ الَّذِي بِالْقُوَّةِ (قَوْلُهُ: كَالْعَرَايَا) أَيْ كَبَيْعِ الْعَرَايَا قَالَ النَّاصِرُ: فِيهِ إشْكَالٌ، الْعَرَايَا رُخْصَةٌ بِإِجْمَاعٍ، وَالرُّخْصَةُ مَا شُرِعَ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ مِنْهُ لَوْلَا الْعُذْرُ وَالْمَانِعُ لَيْسَ إلَّا الْعِلَّةُ فَهُوَ إجْمَاعٌ عَلَى أَنَّ قِيَامَ الْعِلَّةِ بِدُونِ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ الْعُذْرِ، وَلَا يَمْنَعُ عِلَّتَهَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الطَّعْمِ) أَيْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلُهُ وَالْقُوتِ أَيْ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ وَالْكَيْلِ أَيْ وَالْوَزْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - قَوْلُهُ، وَالْمَالِ يُنْظَرُ مَنْ عَلَّلَ بِهِ وَعَلَى التَّعْلِيلِ بِهِ يَلْزَمُ أَنَّ كُلَّ مَا وُجِدَتْ فِيهِ الْمَالِيَّةُ كَانَ رِبَوِيًّا مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّا وُجِدَتْ فِيهِ الْمَالِيَّةُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ إلَخْ) اُعْتُرِضَ هَذَا النَّقْلُ بِأَنَّ الْعِلَّةَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الِاقْتِنَاءُ وَالِادِّخَارُ لِلْعَيْشِ غَالِبًا قَالَهُ النَّجَّارِيُّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إجْمَاعٌ مَذْهَبِيٌّ أَوْ لَعَلَّ مَالِكًا يَجْعَلُ الِادِّخَارَ شَرْطًا أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِجْمَاعِ الْوِفَاقُ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: فَيُقْدَحُ فِيهِ بِالْإِبَاحَةِ) أَيْ التَّخَلُّفُ بِهَا كَالْإِبَاحَةِ فِي التُّفَّاحِ بِأَنْ يُقَالَ مَثَلًا لَا يَحْرُمُ الرِّبَا فِي التُّفَّاحِ لِعَدَمِ الِاقْتِيَاتِ فَهَذِهِ عِلَّةٌ مُبِيحَةٌ فَإِذَا تَخَلَّفَ الْحُكْمُ، وَهُوَ عَدَمُ الرِّبَوِيَّةِ فِي صُورَةٍ وُجِدَتْ فِيهَا الرِّبَوِيَّةُ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا فِي الْمِلْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute