للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) أَنَّ (الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ) بِفَتْحِ الْكَافِ الْمُشَدَّدَةِ وَمِنْ مَسَائِلِهِ أَقَلُّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرُهُ (قِيلَ) زِيَادَةً عَلَى الْأَرْبَعَةِ (وَ) أَنَّ (الْأُمُورَ بِمَقَاصِدِهَا) وَمِنْ مَسَائِلِهِ وُجُوبُ النِّيَّةِ فِي الطَّهَارَةِ وَرَجَّعَهُ الْمُصَنِّفُ إلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّ الشَّيْءَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْيَقِينَ عُدِمَ حُصُولُهُ

ــ

[حاشية العطار]

وَمِنْهَا لَوْ تَنَجَّسَ الْخُفُّ بِخَرْزِهِ مِنْ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ فَغُسِلَ سَبْعًا إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ طَاهِرٍ طَهُرَ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ وَهُوَ مَوْضِعُ الْخَرْزِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ وَقِيلَ كَانَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ يُصَلِّي فِي الْخُفِّ النَّوَافِلَ دُونَ الْفَرَائِضِ فَرَاجَعَهُ الْقَفَّالُ فَقَالَ إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ قَالَ الرَّافِعِيُّ أَشَارَ إلَى كَثْرَةِ النَّوَافِلِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ بَلْ إلَى عُمُومِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ وَمَشَقَّةُ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ فَعُفِيَ عَنْهُ مُطْلَقًا وَكَانَ لَا يُصَلِّي فِيهِ الْفَرِيضَةَ احْتِيَاطًا لَهَا وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ: مُحَكَّمَةٌ) أَيْ حَكَّمَهَا الشَّرْعُ فَيُعْمَلُ بِهَا شَرْعًا فَهِيَ كَالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ مَسَائِلِهِ أَقَلُّ الْحَيْضِ أَوْ أَكْثَرُهُ) وَكَذَلِكَ قِصَرُ الزَّمَانِ وَطُولُهُ عِنْدَ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ أَوْ الِاسْتِئْنَافِ، وَتَنَاوُلُ الثِّمَارِ السَّاقِطَةِ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمَمْلُوكَةِ فِي الطَّرِيقِ، وَأَخْذُ ظَرْفِ هَدِيَّةٍ لَمْ يُعْتَدْ رَدُّ مِثْلِهِ، وَحَمْلُ الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ عَلَى الْكُفُؤِ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ، وَاعْتِمَادُ الْعُرْفِ فِي قَدْرِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَفِي قَدْرِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِمَنْ جَمَعَ تَقْدِيمًا، وَخِفَّةُ اللِّحْيَةِ وَكَثَافَتُهَا فِي الْوُضُوءِ، وَقَدْرُ الْمُحَقَّرَاتِ فِي الْبَيْعِ وَمِنْهَا كُتُبُ الْمُرَاسَلَاتِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاعِ فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ مِنْ الشَّامِلِ حَكَى الْقَاضِي أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ لَا يَمْلِكُهَا الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ وَلَكِنْ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِحُكْمِ الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ فِي إبَاحَةِ ذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْأُمُورَ بِمَقَاصِدِهَا) أَيْ لَا تَحْصُلُ الْعِبَادَاتُ إلَّا بِقَصْدِهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَشْبَاهِ وَأَرْشَقُ وَأَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ قَوْلُ مَنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ إنَّمَا «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» .

(قَوْلُهُ: وَرَجَّعَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) رَجَّعَهُ غَيْرُهُ إلَى تَحْكِيمِ الْعَادَةِ فَإِنَّهَا تَقْضِي أَنَّ غَيْرَ الْمَنْوِيِّ كَغُسْلٍ وَصَلَاةٍ وَكِتَابَةٍ فِي عَقْدٍ لَا يُسَمَّى غُسْلًا وَلَا قُرْبَةً وَلَا عَقْدًا هَذَا وَقَدْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ رُجُوعَ الْجَمِيعِ إلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ اهـ. زَكَرِيَّا.

وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ رُجُوعَ الْجَمِيعِ الْأُمُورَ الْأَرْبَعَةَ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ رُجُوعِ الْفِقْهِ كُلِّهِ إلَى قَاعِدَتَيْنِ اعْتِبَارِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ كَمَا شَرَحَ ذَلِكَ فِي قَوَاعِدِهِ وَأَمَّا قَاعِدَةُ سَدِّ الذَّرَائِعِ فَقَدْ اُشْتُهِرَتْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَزَعَمَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَقُولُ بِهَا وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَالِكِيَّةِ إلَّا مِنْ حَيْثُ زِيَادَتُهُمْ فِيهَا قَالَ فَإِنَّ مِنْ الذَّرَائِعِ مَا يُعْتَبَرُ إجْمَاعًا كَحَفْرِ الْآبَارِ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلْقَاءِ السُّمِّ فِي طَعَامِهِمْ وَسَبِّ الْأَصْنَامِ عِنْدَ مَنْ يُعْلَمُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَسُبُّ اللَّهَ عِنْدَ سَبِّهَا وَتُلْغَى إجْمَاعًا كَزِرَاعَةِ الْعِنَبِ فَإِنَّهَا لَا تُمْنَعُ خَشْيَةَ الْخَمْرِ وَمَا يُخْتَلَفُ فِيهِ كَبُيُوعِ الْآجَالِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ أَطْلَقَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ عَلَى أَعَمَّ مِنْهَا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَقُولُ بِبَعْضِهَا وَسَنُوَضِّحُ لَك أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَقُولُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَأَنَّ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى سَدِّ الذَّرَائِعِ فِي شَيْءٍ نَعَمْ حَاوَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَخْرِيجَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ الْأُمِّ عِنْدَ النَّهْيِ عَنْ مَنْعِ الْمَاءِ لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَأَ أَنَّ مَا كَانَ ذَرِيعَةً إلَى مَنْعِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَمْ يَحِلَّ وَكَذَا مَا كَانَ ذَرِيعَةً إلَى إحْلَالِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ اهـ.

فَقَالَ فِي هَذَا مَا يُثْبِتُ أَنَّ الذَّرَائِعَ إلَى الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ تُشْبِهُ مَعَانِيَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ اهـ.

وَنَازَعَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْوَالِدُ وَقَالَ إنَّمَا أَرَادَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ لَا سَدَّ الذَّرَائِعِ وَالْوَسَائِلُ تَسْتَلْزِمُ الْمُتَوَسَّلَ إلَيْهِ وَمِنْ هَذَا مَنْعُ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ مَنْعَ الْكَلَأِ الَّذِي هُوَ حَرَامٌ وَنَحْنُ لَا نُنَازِعُ فِيمَا يَسْتَلْزِمُ مِنْ الْوَسَائِلِ وَلِذَلِكَ نَقُولُ مَنْ حَبَسَ شَخْصًا وَمَنَعَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَهُوَ قَاتِلٌ لَهُ وَمَا هَذَا مِنْ سَدِّ الذَّرَائِعِ فِي شَيْءٍ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي نَفْسِ الذَّرَائِعِ لَا فِي سَدِّهَا وَأَصْلُ النِّزَاعِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَالِكِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي سَدِّهَا (قَوْلُهُ: عَدَمَ حُصُولِهِ) أَيْ شَرْعًا وَإِنْ وُجِدَتْ صُورَتُهُ فِي الْخَارِجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>