للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّمَا تَنْشَأُ عَنْ الدَّلِيلِ فَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالْأَصَحُّ التَّرْجِيحُ بِالنَّظَرِ) فَمَا اقْتَضَى تَرْجِيحَهُ مِنْهُمَا كَانَ هُوَ الرَّاجِحُ (فَإِنْ وَقَفَ) عَنْ التَّرْجِيحِ (فَالْوَقْفُ) عَنْ الْحُكْمِ بِرُجْحَانِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

(وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِلْمُجْتَهِدِ قَوْلٌ فِي مَسْأَلَةٍ لَكِنْ) يُعْرَفُ لَهُ قَوْلٌ فِي (نَظِيرِهَا فَهُوَ) أَيْ قَوْلُهُ فِي نَظِيرِهَا (قَوْلُهُ: الْمُخَرَّجُ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ خَرَّجَهُ الْأَصْحَابُ فِيهَا إلْحَاقًا لَهَا بِنَظِيرِهَا وَقِيلَ لَيْسَ قَوْلًا لَهُ فِيهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَذْكُرَ فَرْقًا بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ لَوْ رُوجِعَ فِي ذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ) عَلَى الْأَوَّلِ (لَا يُنْسَبُ) الْقَوْلُ فِيهَا (إلَيْهِ مُطْلَقًا بَلْ) يُنْسَبُ إلَيْهِ (مُقَيَّدًا) بِأَنَّهُ مُخَرَّجٌ حَتَّى لَا يُلْتَبَسَ بِالْمَنْصُوصِ وَقِيلَ لَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِهِ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ قَوْلُهُ (وَمِنْ مُعَارَضَةِ نَصٍّ آخَرَ لِلنَّظِيرِ) بِأَنْ يَنُصَّ فِيمَا يُشْبِهُ عَلَى خِلَافِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِيهِ أَيْ مِنْ النَّصَّيْنِ الْمُتَخَالِفَيْنِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ (تَنْشَأُ الطُّرُقُ) وَهِيَ اخْتِلَافُ الْأَصْحَابِ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ يُقَرِّرُ النَّصَّيْنِ فِيهِمَا وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَرِّجُ نَصَّ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْأُخْرَى فَيَحْكِي فِي كُلٍّ قَوْلَيْنِ مَنْصُوصًا وَمُخَرَّجًا عَلَى هَذَا فَتَارَةً يُرَجِّحُ فِي كُلٍّ نَصَّهَا وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَتَارَةً يُرَجِّحُ فِي إحْدَاهُمَا نَصَّهَا وَفِي الْأُخْرَى الْمُخَرَّجَ وَيَذْكُرُ مَا يُرَجِّحُهُ عَلَى نَصِّهَا (وَالتَّرْجِيحُ تَقْوِيَةُ أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ) بِوَجْهٍ مَا سَيَأْتِي

ــ

[حاشية العطار]

وَالْمُخَالِفِ لَهُ كَانَ هُوَ الرَّاجِحُ اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ: إنَّمَا تَنْشَأُ عَنْ الدَّلِيلِ) أَيْ لَا عَنْ كَثْرَةِ الْقَائِلِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَفَ) أَيْ نَظَرُ الْمُجْتَهِدِ

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَيْسَ قَوْلًا لَهُ فِيهَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ مَذْهَبًا وَلِهَذَا لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ مُطْلَقًا بَلْ مُقَيَّدًا بِأَنَّهُ مُخَرَّجٌ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ مُعَارَضَةِ نَصٍّ آخَرَ لِلنَّظِيرِ) أَيْ لِلنَّصِّ فِي نَظِيرِ مَسْأَلَةِ النَّصِّ فَقَوْلُهُ آخَرَ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ نَصٍّ وَقَوْلُهُ لِلنَّظِيرِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقُ بِمُعَارَضَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ آخَرُ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ هُوَ مَفْعُولٌ لِمُعَارَضَةٍ أَيْ مُعَارَضَةِ نَصٍّ نَصًّا آخَرَ فَقَوْلُهُ لِلنَّظِيرِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْذُوفِ قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَفِي سم اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ فُرُوعِ الشَّافِعِيَّةِ كَكُتُبِ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ أَنَّ الطُّرُقَ اخْتِلَافُ الْأَصْحَابِ فِي نَقْلِ الْمَذَاهِبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَوْ عَمَّنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ مُعَارَضَةِ نَصٍّ آخَرَ لِلنَّظِيرِ تَنْشَأُ الطُّرُقُ خَاصٌّ بِالْأَوَّلِ أَعْنِي اخْتِلَافَهُمْ فِي نَقْلِ الْمَذَاهِبِ عَنْ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ النَّصَّ فِي اصْطِلَاحِهِمْ إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ اخْتِلَافُ الْأَصْحَابِ إلَخْ خَاصٌّ بِالْأَوَّلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَفْصِيلًا لِذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ يُقَرِّرُ النَّصَّيْنِ إلَخْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النَّصَّ إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَوَجْهُ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ كَلَامَهُمَا فِي بَيَانِ أَحْوَالِ أَقْوَالِ الْمُجْتَهِدِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَقْدِيمُ الْمَعْمُولِ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ مُعَارَضَةِ إلَخْ لِلِاهْتِمَامِ دُونَ الْحَصْرِ أَوْ هُوَ لِلْحَصْرِ الْإِضَافِيِّ أَيْ تَنْشَأُ الطُّرُقُ عِنْدَ تَعَارُضِ النَّصَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا عِنْدَ عَدَمِ تَعَارُضِهِمَا اهـ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَنُصَّ) أَيْ الْمُجْتَهِدُ وَهُوَ بِضَمِّ النُّونِ (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ النَّصَّيْنِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَمِنْ مُعَارَضَةِ نَصٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ اخْتِلَافُ الْأَصْحَابِ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ وَأَنَّ الطُّرُقَ لَيْسَتْ نَفْسَ الِاخْتِلَافِ بَلْ مَلْزُومَةً مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ (قَوْلُهُ: فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ) الْأَوْلَى فِي تَقْرِيرِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا) لِاخْتِلَافِ التَّرَجُّحِ فَرْقًا لَا يُبْطِلُ الْقِيَاسَ، وَالتَّفْرِيقُ الْأَوَّلُ فِي اخْتِلَافِ الْحُكْمِ فَهُوَ قَادِحٌ فِي الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ: وَيَذْكُرُ مَا يُرَجِّحُهُ عَلَى نَصِّهَا) وَلَا يُمْكِنُ تَرَجُّحُ الْمُخَرَّجِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ إلْغَاءَ كُلٍّ مِنْ النَّصَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ إلَخْ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ حَقِيقَةُ التَّرْجِيحِ تَقْدِيمُ أَمَارَةٍ عَلَى أَمَارَةٍ فِي مَظَانِّ الظُّنُونِ وَنِهَايَةِ إبْدَاءِ مَزِيدِ وُضُوحٍ فِي مَأْخَذِ الدَّلِيلِ وَهُوَ فِي اللِّسَانِ مُشْتَقٌّ مِنْ رُجْحَانِ الْمِيزَانِ اهـ.

فَقَوْلُهُ تَقْوِيَةُ أَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ أَيْ بَيَانُ أَنَّ أَحَدَ الطَّرِيقَيْنِ قَوِيٌّ فَيُقَدَّمُ وَالْمُرَادُ بِالطَّرِيقَيْنِ هُنَا الدَّلِيلَانِ الظَّنِّيَّانِ بِدَلِيلٍ قَوِيٍّ الْآتِي وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْقَطْعِيَّاتِ وَسُمِّيَ الدَّلِيلُ طَرِيقًا لِأَنَّهُ يُوَصِّلُ لِلْمَطْلُوبِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْأَمَارَةِ كَانَ أَوْلَى لِشُيُوعِ اسْتِعْمَالِ الطَّرِيقِ فِي اخْتِلَافِ الْأَصْحَابِ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ فَفِي التَّعْبِيرِ بِهَا إيهَامٌ (قَوْلُهُ: مِمَّا سَيَأْتِي) اعْتَرَضَهُ الْكَمَالُ بِأَنَّهُ قَيْدٌ ضَارٌّ لِأَنَّهُ مُخِلٌّ بِانْعِكَاسِ التَّعْرِيفِ إذْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ إلَّا بِمَا سَيَأْتِي مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>