للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: "فدعاءُ غير الله تعالى: إخراج للدعاء عن محله وموضوعه، كقيامه بتلك الصلاة على تلك الكيفية للمقبور والحجر، سواء بسواء، والفصل بين الصلاة والدعاء: فصلٌ بين متآخيين، وتفريق بين الفرقدين، وإلا فليجعلوا للمقبور صلاة وصياماً ونحوهما يفارق الذم والتشريك، ويكون صالحاً خالياً عن الفساد والمنكر، سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم.

فما بال الدعاء الذي هو العَلَمُ المشهور في العبادة وآيات التنزيل، بل هو في الحقيقة بداية الأمر ومشرعه، وقطب رحاه، سل من مركزه، واستنزل من شوامخ صياصيه، وهو أظهر وأشهر معنى من العبادة، وأكثر تنصيصاً وتعييناً" (١).

وقال أيضًا: "ومن أمعن النظر في آيات الكتاب وما قصَّ من محاورات الرسل مع أممهم وجد أن أسّ الشأن، ومحط رحال القصد شيوعاً وكثرةً وانتشاراً وشهرةً، هو دعاء الله وحده، وإخلاص العبادة له، وأنّ الغافلين كانوا بنقيض هذه الصفة من دون أن يضيفوا لما عبدوه شيئاً من صفات الربوبية كخلق ورزق وغيرهما، أو يجعلوا لها من ذواتها وصفاتها مقتضياً وملزماً للعبادة، بل أعربوا عن اتخاذها آلهة لتقريبهم إلى الله وشفاعتها عنده" (٢).

وقال أيضًا: "ولقد تتبعنا في كتاب الله فصول تراكيبه، وأصول أساليبه، فلم نجده تعالى حكى عن المشركين أنّ عقيدتهم في آلهتهم وشركائهم التي عبدوها من دونه أنها تخلق، وترزق، وتحيي، وتميت، وتنزل من السماء ماء، وتخرج الحي من الميت، والميت من الحي ... بل إذا ضاق عليهم الأمر واشتدت بهم الكرب فزعوا إلى الله وحده، فإذا سئلوا عن حقيقة دينهم هل هو شرك في الربوبية؟ دانوا وأذعنوا للرب وحده بالاختصاص بكل ذلك والانفراد، وهذا واضح لمن ألقى السمع للقرآن فيما حكى عنهم ...

فهذا شرك القوم واتخاذهم الآلهة الذي كان سبباً أن سجّل عليهم ربهم القاهر فوق عباده بالشرك والغي والضلال والكفر والظلم والجهالة" (٣).


(١) المصدر السابق (ص: ٢٢٥).
(٢) المصدر السابق (ص: ٢١٤).
(٣) المصدر السابق (ص: ٢٠٢ - ٢٠٤).

<<  <   >  >>