وكان يرفض أَحيانًا محاجته؛ لأَنه عامي، فيزداد غيظ أَحمد البدعة، وينزل من عيون الحضور.
والإمام أحمد: في هذه المجالس المتعاقبة يرى أن الأخذ بالتقية، والإجابة في الفتنة: هضم للِإسلام والمسلمين، فاستمر وهو صابر ثابت، محتسب، صَلْبٌ، مصمم، مصر على كلمة الحق، وقرع شبَه الباطل بحجج الحق الظاهر، ومَا ضُبطَ عليه لحن قط، والناس في رحبة الدار خلق لا يحصيهم إلَّا الله تعالى في أيديهم الصحف والأَقلام والمحابر يكتبون ما يقوله أحمد. وأما ما يصيبه من الأذى، والابتلاء على رؤوس الملا، فحدِّث ولا حرج:
إحضار الجلادين معهم السياط، يُضْرَبُ بها الإمام حتى يسقط، فإذا أفاق لُعن وسُبَّ، ومع نخسه بقوائم السيوف، وسحبه على وجهه، وخلع يديه بشدهما في خشبتين حتى ينخلعا، وتطرح على ظهره الحصر والبواري، والإمام أَحمد في كل هذه الأَحوال مقيد، وفي بعضها وهو في حال الصيام. استمر الإمام على هذه الحال ثمانية وعشرين شهرًا.
والمعتصم في هذه الأحوال، يرقُّ للإمام أحمد، ويقوٍل: لولا أَني وجدتك في يد من كان قبلي، ما عرضت لك، ويريد أن يُخلي سبيله، وأحمد البدعة يصرفه عما يريد، ويهول عليه سوء العاقبة إن أطلقه وخَلَّى سبيله.
ثم استدعى المعتصم عَمَّ الإمام أحمد، وقال لهم: ها هو