للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تُعُقِّب (١) في جعله: " اسم القُرَّاء مقابلاً لاسم الفقهاء؛ محتجاً عليه بأَثر ابن مسعود- رضي الله عنه-: " إنَّك في زمان كثير فقهاؤه، قليل قراؤه ... إلى أَن قال: وسيأتي على الناس زمان: قليل فقهاؤه، كثير قراؤه ... " رواه مالك في " الموطأ " برقم/ ٩١ ص/ ١٢٤.

وهذا مِمَّا لا يوافق عليه، للأمرين المذكورين؛ ولأَن القرَّاء في الِإطلاق المذكور هم الذين جمعوا بين قراءة القرآن وفقهه، وسيأتي زمان يكثر فيه: " القراء " الذين لا فقه لهم، فيكون اسم: " القراء " من المشترك اللفظي، وهذا كثير في اللغة والاصطلاح.

والأَصل: أن الكلام إذا قاله صاحب الاستقراء، فإنَّه يُسلم له بدليله، وإِن أَطلقه بلا دليل صار في دائرة الإمكان ولا نبادره بالإنكار، كيف وحمل كلامه على الصحة ظاهر كما رأيَت؟ والله أَعلم.

٥- ماهية: " الفقه " اصطلاحًا:

مضت الحال والناس على تبادل لفظ " الفقه " ولواحقه على:

" الحقيقة الشرعية " المتقدمة، ومن المؤكَّدِ أَن الأَئمة الأَربعة، مضوا لسبيلهم، وهم لا يعرفون غير هذا، وأَن الاصطلاح الحادث بِقَصْرِ مَعْنى الفقه على: " أَحكام المكلفين " لم يتكون إلَّا بعد أَن أَخذت اجتهاداتهم في النمو وأَخَذَ أَتباع كل مذهب بِتَطْويْرها، والعِنَاية بها، ونشرها، فصارت اجتهادات كل إمام في " مذهب فقهي فروعي " وماهيته الشرعية التي اصطلحوا عليها، وقصروا معناه عند الإطلاق


(١) تاريخ التشريع الإسلامي للأشقر ص/١٤٠