للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واكتروا لي دارًا، قالوا: هذه دار أَنزلكها أَمير المؤمنين. فقال: لا أبيتُ هاهنا، فاكترينا له دارًا غيرها، وتحول عنها وكانت تأتينا في كل يوم مائدة أَمر بها المتوكل، فيها ألوان الطعام والفاكهة والثلج وغير ذلك، فما نظر إليها أَبو عبد الله، ولا ذاق منها شيئًا، وكانت نفقة المائدة في كل يوم مائة وعشرين درهمًا، فما نظر إليها أَبو عبد الله، ودامت العلة بأَبي عبد الله، وضعف ضعفا شديدًا، وكان يواصل، فمكث ثمانية أَيام مواصلًا لا يأكل ولا يشرب، فلما كان في اليوم الثامن كاد أَن يطفأ، فقلت: يا أَبا عبد الله، ابن الزبير كان يواصل سبعة أَيام، وهذا لك اليوم ثمانية أَيام، فقال: إِنِّي مطيق. قلت: بحَقي عليك. فقال. إِن حَلَّفتني بحقك فإِني أَفعل، فأَتيته بسويق فشرب. وأَجرى المتوكل على ولده وأَهله أَربعة آلاف درهم في كل شهر، فبعث إِليه أَبو عبد الله: إِنهم في كفاية، فبعث إِليه المتوكل: إِنما هذا لولدك، مالك ولهذا؟ فقال له أَحمد: يا عمِّ، ما بقي من أَعمارنا؟ كأَنك بالأَمر قد نزل، فالله الله، فإِن أَولادنا إِنما يريدون يتأملون بنا، وإنما هي أَيام قلائل، لو كشف للعبد عما قد حجب عنه لعرف ما هو عليه من خير أَو شر، صبر قليل، وثواب طويل، إِنما هذ فتنة. فلما طالت علة أَحمد كان المتوكل يبعث بابن ماسَويه المتطبب، فيصف له الأَدوية، فلا يتعالج، فدخل ابن ماسَويه على المتوكل، فقال له المتوكل: ويحك، ابن حنبل، ما نجح فيه الدواء؟ فقال له: يا أمير المؤمنين، إِن أحمد بن حنبل ليست به علة في بدنه، إنما هذا من قلة الطعام وكثرة الصيام والعبادة، فسكت المتوكل