يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٧)[آل عمران: ٣٧] وقوله سبحانه: قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤) قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٥)[المائدة: ٢٤ - ٢٥] إلى غير ذلك من الآيات التي تحكي قصص الأولين، أو تصف أحوال القيامة واليوم الآخر، ولما كانت هذه الأحاديث والأحوال لم تمر بالرسول قطعا فهي لم تختزن بالتالي في المخ لتثيرها نوبات صرعية فيتذكرها، وبذلك يقرر الطب الحديث في أحدث اكتشافاته بالنسبة للصرع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يكون هناك أدنى شبهة في إصابته بالصرع إطلاقا، وأن ما كان يعتريه إنما هي حالة نفسية وجسدية لتلقي وحي الله سبحانه وتعالى، هذا الوحي الذي أخبره الله فيه عما مضى، وعما يستقبل (١).
٦ - ثم ما رأي هؤلاء الطاعنين وفيهم من ينتمي إلى بعض الأديان في أنهم لا ينالون من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وحده، وإنما ينالون من جميع أنبياء الله ورسله الذين كانت لهم كتب أو صحف أوحي بها من عند الله سبحانه فهل تطيب نفوس المقرين بالأديان منهم أن يخربوا بيوتهم قبل أن يخربوا بيوت غيرهم وما رأيهم فيما جاء في كتب العهد القديم والجديد من إيحاءات ونبوءات وهل يقولون في وحي نبي الله موسى وعيسى- عليهما السلام- ما يقولون في وحي نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
اللهم إن هذا الطعن لا يفوه به إلا أحد رجلين: إما رجل مخرّف، وإما رجل مخرّب مدمر يريد هدم الأديان.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس ببدع من الرسل في باب الوحي، وإنه أوحي إليه كما أوحي إليهم وصدق الحق تبارك وتعالى حيث يقول: