الذي لم يتعمق في الدراسات الإسلامية، وليس له من العلم بأصول الدين ما يعصمه من قبول هذه الآراء الزائفة المتسترة، أو على الأقل ما يوقعه في بلبلة فكرية، وشكوك علمية، وسيأتي فيما بعد أمثلة لذلك أثناء البحوث إن شاء الله تعالى.
والكتاب مع هذا «نفيس» ولكنه محتاج إلى التحقيق والتعليق، حتى يسلم من هذه العيوب المعدودة، وكفى المرء نبلا أن تعد معايبه وقد راودتني هذه الفكرة مرارا .. إلا أن الأحوال لم تكن مواتية والفراغ غير ميسر، ومثل هذا العمل يحتاج إلى جهد جهيد وتفرغ، وعسى أن يقوم بهذا العمل الجليل «قسم الدراسات العليا» بكلية أصول الدين، وبهذا يكون قد أسدى للعلم خدمة تذكر فتشكر.
وقد كان كتاب «الإتقان» - ولا زال- أوفى مرجع في هذا العلم، وعليه اعتماد من جاء بعد مؤلفه من العلماء إلى عصرنا هذا، وبهذا الكتاب توقف التأليف في «علوم القرآن» أو كاد، ولم نعلم أن أحدا ألف في «علوم القرآن» إلا ما كان من الإمام العلامة الشاه «أحمد» المعروف بولي الله الدهلوي المتوفى سنة ١١٧٦ هـ فقد ألف رسالة سماها: «الفوز الكبير في أصول التفسير» وهي رسالة صغيرة .. إلا أنها اشتملت على مباحث قيمة، وهي مطبوعة في «الهند» .. إلى أن جاء العصر الأخير .. عصر نهضة العلوم.
[عصر نهضة العلوم]
لما نهضت العلوم في العصر الأخير كان «لعلوم القرآن» من هذه النهضة نصيب ملحوظ، ونشاط ملموس، فبدأت الحياة تدب في «علوم القرآن» من جديد، والذي ساعد على هذا النشاط، وبعث هذه الحياة، ما أخذ به «الأزهر» في تطوره في القرن الأخير من إدخال الدراسات التخصصية في منهجه فحظي القرآن الكريم وعلومه ببعض شعب التخصص.
ولم تقف مباحث علوم القرآن عند الأنواع التي عني بها المؤلفون