المعاني، أو ترجح بعضها على بعض، وهنا قامت القرينة التي تعين المراد؛ إذ لا يصح إرادة حرف الهجاء؛ لأنه مركب من جميع حروف الهجاء، ولا يصح إرادة الكلمات لأن كلماته تعد بالألوف، ولا يصح إرادة المعنى، لأن معانيه تزيد عن سبعة فتعين أن يكون المراد: الجهة، والجهة تأتي بمعنى الوجه (١)، ويشهد لهذا الاستعمال: مجيء الحرف بمعنى الوجه قول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فقد قال بعض المفسرين فيه: على ضعف من العبادة، أو على وجه واحد: وهو أن يعبده على السراء دون الضراء، كما في تفسير القرطبي.
وإذا كان معنى الحرف غير مشكل فليبحث عن المراد منه في حدود المنقول والمعقول.
[القول الثاني]
وهو أنه ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد، بل المراد التيسير والتوسعة، ولفظة «السبعة» يطلق على إرادة الكثرة في الآحاد، كما يطلق السبعون في العشرات والسبعمائة في المئين، ولا يراد العدد المعين.
وهذا الرأي أيضا بعيد من الصواب؛ إذ لا تشهد له رواية من الروايات التي أسلفناها، ويرده ما ورد في حديث الصحيحين:«فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف».
وحديث النسائي وفيه: فقال ميكائيل: «استزده حتى بلغ سبعة أحرف» وفي حديث أبي بكرة: «فنظرت إلى ميكائيل فسكت، فعلمت أنه قد انتهت العدة» فهذه الروايات صريحة في أن المراد الحقيقة وانحصار الحروف في سبعة.
(١) قال في القاموس: والجهة بالكسر والضم الناحية كالوجه والوجهة بالكسر، وقال في المصباح المنير: والوجهة بالكسر- قيل: مثل الوجه، وقيل: كل مكان استقبلته، وتحذف الواو فيقال: جهة مثل عدة، ثم قال: وقوله تعالى: فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ أي جهته التي أمركم بها.