للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يسمعه هو.

ويحتمل أيضا: أن تنزل هذه الآية التي هي آخر آية تلاها الرسول صلى الله عليه وسلم مع آيات نزلت معها فيؤمر برسم ما نزل معها بعد رسم تلك؛ فيظن أنها آخر ما نزل في الترتيب.

ومرد هذا التوفيق بين الأقوال إلى غلبة الظن، والاجتهاد من القائل بناء على ما سمعه أو شاهده من قرائن، وقد لا يوافق الظن والاجتهاد الواقع ونفس الأمر، وقد تركنا صاحب هذا الرأي بين جملة من الاحتمالات، من غير أن يقطع برأي.

ويقرب من هذا الرأي في التوفيق ما ذهب إليه «البيهقي» أيضا حيث قال: «يجمع بين هذه الاختلافات- إن صحت- بأن كل واحد أجاب بما عنده».

[٤ - التنبيه إلى خطأ مشهور]

من الأخطاء المشهورة على ألسنة العامة، وبعض الخاصة (١) ما يزعمونه من أن قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (٣) [المائدة: ٣] هي آخر ما نزل من القرآن، فإنها تدل على إكمال الدين، في ذلك اليوم المشهود، الذي نزلت فيه، وهو يوم «عرفة» في حجة الوداع، وكان يوم جمعة، ففهموا منه أن إكمال الدين لا يكون إلا بإكمال نزول القرآن الكريم.

والحق: أن هذا الزعم غير صحيح، ولم يقل أحد قط من العلماء إنها آخر ما نزل من القرآن، والإمام السيوطي، وهو الباقعة الذي لا يخفى عليه قول، سرد الأقوال في آخر ما نزل، ولم ينقل عن أحد مثل هذا القول بل نبه على خطئه، وزيفه (٢).


(١) وقع في هذا الخطأ بعض المؤلفين في تاريخ التشريع الإسلامي كالأستاذ الشيخ الخضري- رحمه الله- وتابعه بعض المؤلفين في كليات: الشريعة، والحقوق.
(٢) الإتقان ج ١ ص ٢٦ - ٢٨.

<<  <   >  >>