للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الرابعة]

قالوا: روي عن ابن عباس أنه قرأ: «أفلم يتبين الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا» فقيل له: إنها في المصحف أفلم يايئس الّذين آمنوا الآية (١) فقال: أظن الكاتب كتبها وهو ناعس، وهذا القول يقلل الثقة بكتابة القرآن ورسمه ويعود على القرآن ورسمه بالتحريف.

[والجواب]

١ - أن هذا القول لم يصح عن ابن عباس، وأنه مختلق عليه قال الإمام الجليل أبو حيان في تفسيره: بل هو قول ملحد زنديق. وقال الآلوسي في تفسيره بعد نقل كلام أبي حيان: وعليه فرواية ذلك- كما في الدر المنثور- عن ابن عباس رضي الله عنهما غير صحيحة، وقال الزمخشري في تفسيره ج ١ ص ٦٥٥ بعد حكاية هذا الزعم: وهذا ونحوه مما لا يصدق في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وكيف يخفى مثل هذا حتى يبقى ثابتا بين دفتي الإمام (٢) وكان متقلبا في أيدي أولئك الأعلام المحتاطين في دين الله، المهيمنين عليه، لا يغفلون عن جلائله ودقائقه، خصوصا عن القانون الذي إليه المرجع، والقاعدة التي عليها البناء، هذه والله فرية ما فيها مرية.

٢ - مما يرد هذه الرواية أن القراءة الصحيحة المتواترة صحت عن ابن عباس فلو كان ما نسب إليه صحيحا لما قرأ بها، قال أبو بكر الأنباري (٣):

روى عكرمة عن ابن أبي نجيح أنه قرأ «أفلم يتبين الذين آمنوا» وبها احتج


(١) سورة الرعد الآية (٣١) وكتابتها هكذا في الرسم العثماني بزيادة ألف بعد الياء الأولى.
(٢) يريد بالإمام مصحف عثمان، وغيره من المصاحف التي كتبت بأمر عثمان ووزعت على الأمصار، ومن العلماء من يرى أن المراد بالمصحف الإمام هو المصحف الذي أبقاه عثمان لنفسه.
(٣) تفسير القرطبي ج ٩ ص ٣٢٠.

<<  <   >  >>