بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وفيه فإذا عيناه تذرفان أي: تجريان بالدموع، وقيل: إنما بكى رسول الله رحمة لأمته، وشفقة عليهم؛ لأنه علم أنه لا بد أنه يشهد عليهم بعملهم، وعملهم قد لا يكون مستقيما، فقد يفضي إلى تعذيبهم، وقيل: لأنه تمثل أهوال يوم القيامة، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بالتصديق، وسؤاله الشفاعة لأهل الموقف، وهو أمر يحق له البكاء، وقيل: بكى فرحا بهذه المنزلة العالية التي لم يعطها أحد من الأنبياء.
وفي شعب الإيمان للبيهقي عن سعد بن مالك مرفوعا: «إن هذا القرآن نزل بحزن، وكآبة (١)، فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا».
وفيه من مرسل عبد الملك بن عمير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إني قارئ عليكم سورة، فمن بكى فله الجنة، فإن لم تبكوا فتباكوا».
وفي مسند أبي يعلى حديث:«اقرءوا القرآن بالحزن، فإنه نزل بالحزن» وعند الطبراني «أحسن الناس قراءة من إذا قرأ القرآن يتحزن».
قال النووي في شرح المهذب: وطريقة تحصيل البكاء أن يتأمل ما يقرأ من التهديد والوعيد الشديد، والمواثيق والعهود، ثم يفكر في تقصيره فيها، فإن لم يحضره عند ذلك حزن، وبكاء، فليبك على فقد ذلك فإنه من المصائب وقد سبق إلى ذلك الغزالي، والبكاء عند قراءة القرآن صفة العارفين، وشعار الصالحين.
وقد كان الصديق الأكبر- رضي الله عنه- بكاء بالقرآن، لا يملك عينيه عند قراءته كما في حديث الهجرة في صحيح البخاري.
[١١ - تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها]
يسن تحسين الصوت بقراءة القرآن وتزيينها، وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري. وكان حسن الصوت بالقرآن. وكان النبي
(١) يعني نزل في ظروف كانت مثار أحزان، وآلام وشدائد.