بالسورة صدرها، وإلا فباقيها نزل بعد، كما تدل على ذلك رواية الصحيحين.
ج- وروى الطبراني في «المعجم الكبير» - بسند على شرط الصحيح- عن أبي رجاء العطاردي قال: كان أبو موسى- يعني الأشعري- يقرئنا فيجلسنا حلقا، عليه ثوبان أبيضان فإذا تلا هذه السورة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) قال: هذه أول سورة أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم.
د- وأخرج ابن أشتة في كتاب «المصاحف» عن عبيد بن عمير قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بنمط فقال: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ قال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ فيرون أنها أول سورة أنزلت من السماء.
وأخرج أيضا عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بحراء، إذ أتى ملك بنمط من ديباج (١) فيه مكتوب اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) إلى ما لَمْ يَعْلَمْ [العلق ١ - ٥]
ولعل هذا- إن صح- يفسر لنا الأمر بالقراءة في رواية الصحيحين؛ أي اقرأ ما في هذا النمط إلى غير ذلك من الآثار التي ذكرها الإمام السيوطي في الإتقان وهذا القول هو الصحيح، وعليه جمهور العلماء سلفا، وخلفا.
[القول الثاني]
إن أول ما نزل هو قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) إلى وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)[المدثر: ١ - ٥] وهذا القول مروي عن جابر بن عبد الله وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، ويدل لهذا ما رواه الشيخان- واللفظ للبخاري- عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة عبد الرحمن: أي القرآن أنزل أول فقال: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) فقلت: أنبئت أنه اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) وفي رواية يقولون: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١). فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله: أي القرآن أنزل أول فقال: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) فقلت: نبئت أنه: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١). فقال: لا أخبرك
(١) النمط: الثوب، الديباج الحرير وهو معرب، أي بقطعة من حرير.