للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع (١) إلى أهله، ويتزود لذلك (٢)، ثم يرجع إلى خديجة، فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء، فجاءه الملك، فقال: اقرأ، قلت: «ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني (٣) حتى بلغ مني الجهد (٤) ثم أرسلني»، فقال: اقرأ، قلت: «ما أنا بقارئ»، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: «ما أنا بقارئ»، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال:

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (٥) [العلق: ١ - ٥] فرجع بها إلى خديجة يرتجف فؤاده، فقال: «زملوني» (٥)، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة- وأخبرها الخبر- «لقد خشيت على نفسي» (٦)، فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل (٧)، وتكسب المعدوم وتقري الضيف ... » الحديث (٨) وقد سقت الحديث بطوله، وشرحته في كتابي «السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة» وعائشة، وإن لم تعاين القصة وتشاهدها، إلا أنه يحتمل أن تكون سمعتها من النبي بعد، أو حدثها بها صحابي سمعها من النبي، وأيّا كان الأمر فهو حديث متصل مرفوع، ولذلك أجمعوا على أن مراسيل الصحابة حجة.

ب- وروى الحاكم في «مستدركه» والبيهقي في «دلائل النبوة» وصححاه عن عائشة أنها قالت: أول سورة نزلت من القرآن اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ومرادها


(١) يرجع.
(٢) أي يأخذ معه زاده.
(٣) ضمني وعصرني حتى كاد يحبس أنفاسي.
(٤) بفتح الجيم ونصب الدال أي غاية الوسع، وبضم الجيم، ورفع الدال أي المشقة والحرج أي بلغت مني المشقة غايتها.
(٥) لففوني بالثياب وغطوني حتى يذهب عني الخوف والرعب.
(٦) أي المرض أو الهلاك.
(٧) الضعيف.
(٨) صحيح البخاري: باب كيف كان بدء الوحي، وصحيح مسلم.

<<  <   >  >>