هذا المبحث من المباحث التي تناولها العلماء في تآليفهم، بل وأفردها بعضهم بالتأليف.
وقد اختلفت فيه آراؤهم وأنظارهم اختلافا كثيرا، وكثرت فيه الأقوال كثرة ظاهرة، حتى لقد بلغ بها «السيوطي» في الإتقان- نقلا عن ابن حبان، خمسة وثلاثين قولا.
وليس من شك في أن هذا البحث شائك، ودحض مزلة (١)، والباحث فيه يحتاج إلى شيء غير قليل من البصر بموضع قدمه، ومن الأناة والصبر، ولا تعجب إذا خفي المراد على بعض العلماء فعد الحديث مشكلا، وتوقف عن بيان المراد منه، وبعضهم جعل حقيقة العدد غير مقصودة، وأن المراد التكثير من غير حصر، وأتى بعضهم بآراء ما أنزل الله بها من سلطان، ولكي نصل إلى بيان الحق والصواب، نرى لزاما علينا ذكر الروايات الثابتة في هذا المعنى بشيء من التفصيل كي تكون لنا نبراسا نهتدي على ضوئه لمعرفة المراد.
[الحديث متواتر]
ويحسن أن ننبه قبل هذا التفصيل إلى أن حديث إنزال القرآن على سبعة أحرف، ورد من رواية جمع كثير من الصحابة، حتى نص الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام على تواتره، فقد رواه من الصحابة:(١) أبيّ ابن كعب، (٢) وأنس بن مالك، (٣) وحذيفة بن اليمان، (٤) وزيد بن أرقم، (٥) وسمرة بن جندب، (٦) وسليمان بن صرد، (٧) وابن عباس، (٨) وابن مسعود، (٩) وعبد الرحمن بن عوف، (١٠) وعثمان بن عفان، (١١)
(١) دحضت رجله زلقت، من باب قطع يقطع، ومزلة: بفتح الزاي وكسرها، أي مكان زلق وزل من باب ضرب يضرب، ويقال زل يزل- بفتح الزاي- زللا، فالكلمتان بمعنى، وذكر الثاني بعد الأول للتأكيد.