ما حمل من مكة إلى المدينة: فمن أمثلة ذلك سورة سبح، فقد أخرج البخاري عن البراء بن عازب أنه قال: أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرءاننا القرآن ثم جاء عمار وبلال وسعد ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء، فما جاء حتى قرأت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) في سور مثلها من المفصل.
ما حمل من المدينة إلى مكة: من ذلك قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ [البقرة: ٢١٧] الآية، وهذا إنما يتجه على أن السائل هم المشركون، فقد روي أن وفدا منهم قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم بعد سرية عبد الله ابن جحش وقتلهم ابن الحضرمي من المشركين، وكان ذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة، وأرجف المشركون، وقالوا: إنهم قتلوه في الشهر الحرام أي رجب، فأنزل الله الآية دفاعا عن السرية، واعتذارا عما بدر منها، وأنه شيء قليل بجانب ما يصدر عن المشركين من إجرام في حق الله ودينه وبيته والمسلمين فيكون الوفد لما قرئت عليه حملها معه، أو أرسل النبي صلى الله عليه وسلم من حملها إليهم في مكة.
ومن ذلك أيضا صدر سورة براءة؛ فقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم به عليّا ليقرأه على الناس في الموسم سنة تسع، كما في الصحيح، ومن ذلك آية الربا في سورة البقرة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٧٨).
فقد اختلف بنو عمرو بن عمير من ثقيف مع بني المغيرة بن عبد الله، ورفعوا الأمر إلى أمير مكة عتاب بن أسيد فرفع الأمر إلى رسول الله فنزلت فأرسل بها النبي إلى عتاب بن أسيد (١).