في صدر سورة اقرأ ذكر الجنة والنار، بل ولا في السورة كلها.
والجواب: أن «من» مقدرة في الكلام «أي» من أول ما نزل ...
ومرادها- رضي الله عنها- سورة المدثر، فإنها أول ما نزل بعد فترة الوحي، وفي آخرها ذكر الجنة والنار، فلعل آخرها نزل قبل نزول بقية «اقرأ» وبهذا يزول هذا الإشكال.
[٣ - آخر ما نزل من القرآن]
ليس في هذا الموضوع أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هي آثار مروية عن بعض الصحابة، والتابعين، استنتجوها مما شاهدوه من نزول الوحي، وملابسات الأحوال، وقد يسمع أحدهم ما لا يسمعه الآخر ويرى ما لا يرى الآخر، فمن ثم كثر الاختلاف بين السلف والعلماء، في آخر ما نزل وتعددت الأقوال وتشعبت الآراء، وإليك تفصيل القول في هذا.
[القول الأول]
إن آخر ما نزل من القرآن قوله تعالى في آخر سورة البقرة: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٨)[البقرة:
٢٨١] والدليل على ذلك:
١ - روى النسائي من طريق عكرمة عن ابن عباس، قال: آخر ما نزل من القرآن وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ... الآية.
٢ - وروى ابن مردويه بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:
آخر آية نزلت من القرآن وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ... الآية.
٣ - وأخرج ابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ الآية، ومن طريق الضحاك عنه مثله.
٤ - وأخرج ابن أبي حاتم بسنده، عن سعيد بن جبير قال: آخر ما نزل من القرآن كله وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ... الآية، وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية تسع ليال، ثم مات ليلة الاثنين، لليلتين خلتا من شهر