للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (١٠٠) ... [آل عمران: ١٠٠ - ١٠٣] الآيات.

وسواء أكان هذا السؤال يتعلق بأمر مضى مثل قوله تعالى في سورة الكهف: وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (٨٣) [الآية ٨٣ وما بعدها]، أم يتصل بحاضر؛ مثل قوله تعالى في سورة «الإسراء»:

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥) [الإسراء: ٨٥]، أم يتصل بمستقبل؛ وذلك مثل قوله تعالى في سورة «الأعراف»: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ... [الأعراف: ١٨٧].

والمراد بأيام وقوعه أن تنزل بعده مباشرة، أو بعد ذلك بقليل، مثل الآيات المتعلقة بقصة «أهل الكهف» و «ذي القرنين»، فقد نزلت بعد خمسة عشر يوما من سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم (١)، ومثل حادثة الإفك، فقد نزلت الآيات المتعلقة بذلك بعد شهر (٢).

وهذا القيد في التعريف: يخرج الآيات التي تنزل ابتداء، بينما هي تتحدث عن قصص الأنبياء، وأحوال الأمم معهم، أو عن بعض الحوادث الماضية، كسورة «الفيل» مثلا، أو تتحدث عن مستقبل كاليوم الآخر وما فيه من نعيم أو عقاب؛ فإن هذه القصص والأحداث لا تعتبر أسباب نزول فتنبه لذلك، ولا تغلط فيه كما غلط بعض العلماء (٣).

[طريق معرفة سبب النزول]

لا طريق لمعرفة أسباب النزول إلا النقل الصحيح، ولا مجال للعقل فيه إلا بالتمحيص والترجيح؛ قال الواحدي في كتاب «أسباب النزول»: «لا


(١) راجع أسباب النزول، للسيوطي على هامش الجلالين ج ٢ ص ٣.
(٢) صحيح البخاري- كتاب التفسير- سورة النور، باب قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ... الآية.
(٣) قال الواحدي في تفسيره: إن سبب نزول سورة الفيل قصة قدوم الحبشة لهدم البيت، وهو وهم لا محالة، انظر الإتقان ج ١ ص ٣١.

<<  <   >  >>