هو كتاب الله- عز وجل- المنزل على خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه، المنقول بالتواتر المفيد للقطع واليقين المكتوب في المصاحف من أول سورة «الفاتحة» إلى آخر سورة «الناس».
أحكمه الله فأتقن إحكامه، وفصّله فأحسن تفصيله، وصدق الله كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود: ١]، لا يتطرق إلى ساحته نقض ولا إبطال.
وصدق العلي العظيم حيث يقول: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)[فصلت: ٤١ - ٤٢].
وهو المعجزة العظمى، والحجّة البالغة الباقية على وجه الدهر لرسول البشرية سيدنا «محمد» صلوات الله وسلامه عليه، تحدى به الناس كافة، والإنس والجن أن يأتوا بمثله، أو ببعضه فباءوا بالعجز والبهر.
وقد وقع التحدي «بالقرآن» على مرات متعددة، كي تقوم عليهم الحجة تلو الحجة، وتنقطع المعذرة.
تحداهم أولا أن يأتوا بمثله فعجزوا وما استطاعوا، قال عز شأنه في سورة «الإسراء» المكية الآية [٨٨] قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨).
وقال تعالى: أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٣٤) سورة الطور المكية الآية [٣٣ - ٣٤].
ثم تحداهم: أن يأتوا بعشر سور مثله، فما قدروا، قال تعالى في سورة «هود» المكية الآية [١٣ - ١٤] أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ (١) وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٣) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا
(١) هذا من قبيل التنزل مع الخصم، والمساهلة معه في الحجاج، كي يكون الإفحام أدل-