وذهب المحققون من الأصوليين، والفقهاء، وأهل العربية: إلى أن لفظ القرآن «علم شخصي» مدلوله: الكلام المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم من أول سورة «الفاتحة» إلى آخر سورة «الناس» وعلميته: باعتبار وضعه للنظم المخصوص، الذي لا يختلف باختلاف المتلفظين، ولا عبرة بتعدد القارئين والمحال.
وعلى هذا فما ذكره الأصوليون، وغيرهم من تعاريف للقرآن، ليس تعريفا حقيقيّا، لأن التعريف الحقيقي لا يكون إلا للأمور الكلية، وإنما أرادوا بتعريفه: تمييزه عما عداه مما لا يسمّى باسمه، كالتوراة والإنجيل، والأحاديث القدسية، وما نسخت تلاوته.
لفظ «القرآن» أمر كلي:
ويرى بعض العلماء: أن لفظ القرآن موضوع للقدر المشترك بين الكل وأجزائه: فمسماه: كلي. كالمشترك المعنوي وعلى هذا يعرف بما عرّفه العلماء.
[القرآن مشترك لفظي]
ويرى فريق ثالث: أنه مشترك لفظي بين الكل وبين أجزائه، فهو موضوع لكل منهما بوضع.
والحق: أنه علم شخصي، مشترك لفظي بين الكل وأجزائه فيقال لمن قرأ اللفظ المنزل كله: قرأ قرآنا، ويقال لمن قرأ بعضه: قرأ قرآنا، وهو ما يفهم من كلام الفقهاء، حينما قالوا:«يحرم على الجنب قراءة القرآن» فإنهم يقصدون: قراءة كله أو بعضه على السواء.
غير متعاقبة؛ لأن التعاقب يستلزم الزمان والزمان حادث، وكل هذا من آثار الاشتغال بالفلسفة وتحكيم العقول في الأمور الغيبية. وأما نحن فنقول: «القرآن بألفاظه ومعانيه كلام الله تعالى منه بدأ وإليه يعود، وهو ما عليه السلف الصالح، والعقل أعجز من أن يتحكم في الأمور الغيبية التي لا تعلم إلا عن الله، أو عن طريق رسله».