لا تطيق ذلك»، وقوله- في حديث الترمذي-: «إني بعثت إلى أمة أمية ... » الحديث.
فكان من رحمة الله بهذه الأمة أن أنزل القرآن على سبعة أحرف، رفعا للحرج، وتيسيرا لقراءته وحفظه، وفهمه وتدبره.
[التوسعة فى الالفاظ لا فى المعانى]
٢ - أن هذه التوسعة إنما كانت في الألفاظ، ولم تكن في المعاني والأحكام وأنها كانت في المعنى الواحد يقرأ بألفاظ مختلفة؛ بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ كلّا من المختلفين على قراءته، بل واستحسان قراءة كل بقوله «كلاكما محسن».
وغير معقول أن يكون اختلافهم في المعاني والأحكام، ثم يوافق النبي كلا على قراءته ويستحسنها.
[التوسعة فى حدود المنزل من الله لا بالهوى والتشهى]
٣ - أن هذه التوسعة والإباحة في القراءة بأي حرف من الحروف السبعة إنما كانت في حدود ما نزل به «جبريل»، وما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بدليل أن كلّا من المختلفين كان يقول: أقرأنيها رسول الله، وأن النبي كان يعقب على قراءة كل من المختلفين بقوله:«هكذا أنزلت» كما في حديث «عمر وهشام» وما يفيده لفظ الإنزال الذي جاءت به جميع روايات الحديث، وليس ذلك إلا التوقيف بالسماع من الرسول، وسماع الرسول من جبريل.
ولا يتوهمن متوهم أن التوسعة إنما كانت باتباع الهوى والتشهي، فذلك ما لا يليق أن يفهمه عاقل، فضلا عن مسلم؛ إذ الروايات الواردة ترده وتبطله، ولو كان لكل أحد أن يقرأ بما يتسهل له من غير تلق وسماع من النبي صلى الله عليه وسلم وأن يبدل ذلك من تلقاء نفسه لذهب إعجاز القرآن، ولكان عرضة أن يبدله كل من أراد حتى يصير غير الذي نزل من عند الله، ولما تحقق وعد الله سبحانه بحفظه في قوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩) واللوازم كلها باطلة، فبطل ما أدى إليها، وثبت نقيضه وهو أن التوسعة كانت في حدود ما أنزل الله.