خراسان، ونصر بن عاصم الليثي، وقد حدث أن سمع أبو الأسود الدؤلي قارئا يقرأ: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ بجر رسوله فأفزعه ذلك وقال: عز وجه الله أن يبرأ من رسوله، وذهب إلى زياد والي البصرة، وقال له: قد أجبتك إلى ما سألت، وكان زياد قد سأله أن يضع للناس علامات تدل على الحركات والسكنات فجعل للفتحة نقطة فوق الحرف، وللكسرة نقطة أسفله، وللضمة نقطة بين الحرف، وللتنوين نقطتين، وسار الناس على هذا النهج مدة، ثم بدءوا يزيدون ويبتكرون فجعلوا علامة للحرف المشدد كالقوس ولألف الوصل جرة فوقها أو تحتها أو وسطها على حسب ما قبلها من فتحة، أو كسرة، أو ضمة حتى كان عبد الملك بن مروان، واضطروا إلى وضع النقط الذي هو الإعجام للباء والتاء والثاء إلخ، فالتبس النقط بالشكل، فجعلوا لكل منهما مدادا مخالفا للون الآخر، ثم وضعوا للشكل علامات أخرى وهي العلامات المعروفة اليوم؛ للفتحة والكسرة والضمة والشدة ونحوها، فجعلوا الفتحة ألفا أفقية من فوق الحرف والكسرة ألفا من تحت الحرف والضمة على هيئة رأس الواو والتنوين جعلوه حركة أخرى من جنس ما قبله: ضمة أو فتحة أو كسرة.
وبذلك صار القرآن مشكولا.
[إعجام القرآن]
الإعجام هو ما يدل على ذوات الحروف، وتمييز الحروف المتماثلة في الرسم بعضها عن بعض، قال في القاموس وشرحه تاج العروس مادة عجم: وأعجم فلان الكلام أي: ذهب به إلى العجمة- بالضم- وكل من لم يفصح بشيء فقد أعجمه، وأعجم الكتاب خلاف أعربه- كما في الصحاح- أي: نقطه، وفي النهاية أزال عجمته كعجمه عجما وعجمه تعجيما ... وقال ابن جني: أعجمت الكتاب أزلت استعجامه، قال ابن سيده: وهو عندي على السلب ... وقالوا عجمت الكتاب فجاءت فعلت للسلب أيضا، كما جاء أفعلت وله نظائره وقد تقدم في مادة شكل أن الشكل هو: الإعجام فكل منهما يرادف الآخر لغة، غير أن الاصطلاح فرق بينهما