مصحفه، يدل على ذلك ما روي عن أبي بن كعب أنه كان يكتب في مصحفه سورتي (١) الخلع والحفد، وهو دعاء القنوت:«اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ... ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ... ».
[والجواب]
على ذلك: لا نسلّم أنهما من القرآن وكتابة أبي بن كعب لهذا الدعاء في مصحفه لا يدل على القرآنية، ونحن نعلم أن مصاحف الصحابة لم تكن قاصرة على المتواتر؛ بل كان
بعضها مشتملا على الآحادي؛ والمنسوخ تلاوة، وعلى بعض تفسيرات، وتأويلات، وأدعية، ومأثورات، ومن ذلك هذا الدعاء الذي يقنت به بعض الأئمة في الوتر ووجوده في مصحف أبيّ لا يدل على أنه قرآن، كما أن القنوت به في الصلاة لا يدل على القرآنية، ولا يشك ذو نظر فاحص وذوق أدبي أن هذا الدعاء ليس عليه مسحة من سحر القرآن وبلاغته وإعجازه وإشراقه، مما يلقي بهذه الشبهة في غيابة الإهمال.
٢ - على فرض أن أبيّا أثبتها في المصحف على أنها قرآن فهي رواية آحادية ظنية لا تعارض القطعي الثابت بالتواتر كما أنها لا تكفي في إثبات كونها من القرآن؛ لأن المعول عليه في ثبوت القرآن التواتر.
وهنا قاعدتان ينبغي التنبه إليهما في رد كل رواية تفيد زيادة شيء في القرآن، أو نقص شيء منه وهما:
١ - كل رواية آحادية لا تقبل في إثبات شيء من القرآن.
٢ - كل رواية آحادية تخالف المتواتر من القرآن لا تقبل، ويضرب بها عرض الحائط.
[الشبهة الخامسة]
: ما نقله العلامة الآلوسي عن بعض الشيعة والملاحدة وخلاصته أن عثمان بل وأبا بكر حرفا القرآن، وأسقطا كثيرا من آياته
(١) بجعل نهاية الأولى لفظ: «يفجرك» وجعل بدء الثانية «اللهم إياك نعبد»، وليس أدل على تهافت الرواية من هذا الخلط بجعل الشيء الواحد من الدعاء شيئين.