للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ... الآية. فيجمع بينه وبين قول ابن عباس، بأن الآيتين نزلتا جميعا، فيصدق أن كلا منهما آخر بالنسبة لما عداها، ويحتمل أن تكون الآخرية في سورة النساء مقيدة بما يتعلق بالمواريث مثلا بخلاف آية البقرة، ويحتمل عكسه (١) والأول أرجح لما في آية البقرة من الإشارة إلى معنى الوفاة المستلزمة لخاتمة النزول، وحكى ابن عبد السلام أن النبي صلى الله عليه وسلم- عاش بعد نزول الآية المذكورة- يعني آية البقرة- أحدا وعشرين يوما، وقيل: سبعا (٢).

وبعد هذا التحقيق يتبين لنا أن الصحيح أن آخر ما نزل على الإطلاق هي آية وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ... لما حف بها من دلائل وقرائن.

[القول الرابع]

إن آخر ما نزل هو قوله تعالى: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ (٣) [سورة النساء: ١٧٦]، وآخر ما نزل من السور «براءة».

ويدل على هذا ما رواه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب أنه قال:

آخر سورة نزلت «براءة» وآخر آية نزلت يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ....

ويجاب عن هذا بأن سورة براءة آخر ما نزل في شأن القتال والجهاد، أو أن في الكلام تقديرا؛ أي من أواخر السور نزولا سورة براءة وأن آية الكلالة آخر ما نزل في شأن المواريث، وقد سمعت آنفا قول الحافظ ابن حجر في هذا.


(١) أي أن تكون آية البقرة آخرية مقيدة بما نزل في أمور القيامة واليوم الآخر وآية الكلالة هي آخر ما نزل على الإطلاق ولكنه رجح الاحتمال الأول.
(٢) فتح الباري ج ٨ ص ١٦٥ ط البهية.
(٣) والمراد بالكلالة من لا ولد له ولا والد، أولم يرثه والد ولا ولد، وهو رأي الصديق رضي الله عنه ووافق عليه جمهور الصحابة.

<<  <   >  >>