للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل ما قيل في تعيين اللغات السبع لم يثبت بطريق صحيح.

وقد اختلف في تعيينها اختلافا كثيرا، ومن أراد معرفة ذلك فليرجع إلى الإتقان (١).

والذي نراه: أنه كان نزل على سبع لغات من لغات العرب المشهورة وأفصحها وليس في البحث عن تحديدها كبير غناء ما دام أن الحرف الباقي وهو حرف قريش أفصحها وأعذبها وأسلسها، وما دامت الأحرف الأخرى قد اندرست، ولم يبق منها شيء.

[منزلة اللغة القرشية بين لغات العرب]

ولكي تزداد يقينا بأن قريشا أفصح العرب، ولسانهم أفصح الألسنة وأعذبها ننقل لك بعض ما قاله الأئمة في هذا المقام:

قال ابن فارس في فقه اللغة، عن إسماعيل بن أبي عبيد الله، قال (٢):

أجمع علماؤنا بكلام العرب والرواة لأشعارهم، والعلماء بلغاتهم وأيامهم ومحالّهم أن قريشا أفصح العرب ألسنة، وأصفاهم لغة، وذلك أن الله تعالى اختارهم من جميع العرب، واختار منهم نبي الرحمة محمدا صلى الله عليه وسلم فجعل قريشا قطان حرمه، وولاة بيته، فكانت وفود العرب من حجاجها وغيرهم يفدون إلى مكة للحج، ويتحاكمون إلى قريش في أمورهم، وكانت قريش تعلمهم مناسكهم، وتحكم بينهم، ولم تزل العرب تعرف لقريش فضلها عليهم وتسميتها أهل الله؛ لأنهم الصريح من ولد إسماعيل- عليه السلام- لم تشبهم شائبة، ولم تنقلهم عن مناسبهم ناقلة، فضيلة من الله- جل ثناؤه- لهم وتشريفا، إذ جعلهم رهط بيته الأدنين، وعترته الصالحين.

وكانت قريش مع فصاحتها، وحسن لغاتها، ورقة ألسنتها إذا أتتهم الوفود من العرب تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم، وأصفى


(١) الإتقان ج ١ ص ٤٧ - ٤٩.
(٢) التبيان ص ٥٢.

<<  <   >  >>