اتق الله، وقل سدادا، ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن».
[فوائد معرفة سبب النزول]
لمعرفة سبب النزول فوائد كثيرة منها:
[الفائدة الأولى]
: الاستعانة على فهم الآية، وإزالة الإشكال عنها، قال الواحدي في كتاب «أسباب النزول»: لا يمكن معرفة الآية دون الوقوف على قصتها، وبيان نزولها.
وقال ابن دقيق العيد: معرفة سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن.
وقال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب ... ولذلك أمثلة كثيرة منها:
أ- أنه أشكل على «عروة بن الزبير» - رضي الله عنهما- أن يفهم فرضية السعي بين الصفا والمروة من قوله تعالى: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [البقرة: ١٥٨] الآية، وذلك لأن الآية نفت (الجناح) ونفي الجناح لا يدل على الفرضية، حتى سأل خالته السيدة (عائشة) - رضي الله عنها- عن ذلك، فأفهمته، أن نفي الجناح ليس نفيا للفرضية، إنما هو نفي لما وقر في أذهان المسلمين يومئذ من التحرج والتأثم من السعي بين الصفا والمروة؛ لأنه من عمل الجاهلية.
وقد روي في سبب هذا التحرج: أنه كان على الصفا صنم يقال له:
(إساف) وعلى المروة صنم يقال له: (نائلة)، وكان المشركون إذا سعوا تمسحوا بهما، فلما ظهر الإسلام، وكسرت الأصنام تحرج المسلمون أن يطوفوا بينهما لذلك ولأن الله لم يذكر السعي بين الصفا والمروة في القرآن كما ذكر الطواف بالبيت في قوله سبحانه: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ؛ فنزلت الآية لنفي هذا الحرج.