صلى الله عليه وسلم قال:«كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد وعلى حرف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا».
وهذا الرأي مردود من جهة الرواية والدراية والعقل بما يأتي:
١ - أن هذا الحديث غير ثابت، فلا يصح الاحتجاج به، قال الإمام أبو عمر بن عبد البر:«هذا حديث لا يثبت؛ لأنه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن مسعود، ولم يلق ابن مسعود».
وقال الحافظ في «الفتح»(١): وقد صحح الحديث المذكور (ابن حبان، والحاكم) وفي تصحيحه نظر؛ لانقطاعه بين أبي سلمة وابن مسعود.
ومعروف أن المنقطع من قبيل الضعيف، فلا يحتج به في مثل هذا مما يتعلق بالقرآن الكريم الذي هو أصل الدين، ومنبع الصراط المستقيم.
٢ - لو سلمنا جدلا أن الحديث ثابت، فليس تأويله كما قال هؤلاء، وإنما له تأويلات أخر:
أ- وذلك إما أن يكون قوله في الحديث: زاجر، وأمر ... إلخ استئناف كلام وليس بيانا للأحرف، قال أبو العلاء الهمداني، وأبو عليّ الأهواني: إن قوله: زاجر وآمر استئناف كلام آخر، أي هو زاجر- القرآن- ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة، وإنما توهم ذلك من توهمه من جهة الاتفاق في العدد.
ويؤيده أنه جاء في بعض طرقه: زاجرا، وآمرا- بالنصب- أي نزل على هذه الصفة من الأبواب السبعة.
ب- وإما أن تكون بيانا للأبواب السبعة لا للأحرف السبعة، قال العلامة