للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تساعدهم على أغراضهم من الطعن في القرآن الكريم.

ومن هؤلاء «بلاشير» في كتابه «المدخل إلى القرآن» وفي ترجمته للقرآن التي أقحم فيها على النص القرآني بعض الآيات الموضوعات (١)، وها هو بلاشير يعرض زعمه في موضوع القراءة بالمعنى، قال: خلال الفترة التي تبدأ من مبايعة عليّ عام ٣٥ هـ حتى مبايعة الخليفة الأموي الخامس «عبد الملك» عام ٦٥ هـ كانت جميع الاتجاهات تتواجه، فالمصحف العثماني قد نشر نفوذه في كل البلاد إذ كان مؤيدا بنفوذ من شاركوا في عمله، وقد كانوا يشغلون مناصب مهمة في الشام وربما كان هذا هو الوقت الذي نشأت فيه نظرية معينة، تدل على أن إصلاح عثمان كان قد أصبح ضروريا فبالنسبة إلى بعض المؤمنين لم يكن نص القرآن بحرفه هو المهم وإنما روحه، ومن هنا ظل اختيار الوجه (الحرف) في القراءات التي تقوم على الترادف المحض أمرا لا بأس به ولا يثير الاهتمام، هذه النظرية التي يطلق عليها القراءة بالمعنى كانت دون شك من أخطر النظريات إذ كانت تكل تحديد النص إلى هوى كل إنسان (٢).

ومن الغريب والمؤسف حقا أن يجيء بعد «بلاشير» رجل مسلم وهو الدكتور «مصطفى مندور» فيتابع أستاذه «بلاشير» على رأيه، بل ويزيد الطين بلّة بما أضاف من تخرّصات أخرى فعقد فصلا في رسالة «الشواذ» - وهي رسالة تكميلية لنيل درجة دكتوراة الدولة من كلية الآداب بجامعة باريس-


(١) فقد أدخل في ترجمته لسورة النجم بعد قوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (٢١) هذه العبارات المختلقة المدسوسة: تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى اعتمادا على ذكرها في بعض كتب أسباب النزول التي لا يعتبر مؤلفوها من المحدثين الذين يميزون بين الصحيح وغيره، والتي زعموا أنها كانت سببا في نزول
قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ... الآية وقد فندت ذلك من جهة العقل والنقل في كتابي «السيرة النبوية»؛ القسم الأول ص ٣٧٥ - ٣٨٧، فليرجع إليه من يشاء.
(٢) المدخل لترجمة القرآن ٦٩ - ٧٠ عن تاريخ القرآن للدكتور عبد الصبور شاهين ص ٨٤ - ٨٥.

<<  <   >  >>