المرويات إلا أنها مخالفة للمعقول وما صح من المنقول، وما أجمع عليه المسلمون من عهد الصحابة إلى يومنا هذا مما هو منقول نقلا متواترا، لا يتطرق إليه الشك والارتياب، لكفى فما بالك وهي معلولة الأسانيد وصدق ابن الجوزي الناقد حيث قال: ما أحسن قول القائل: كل حديث رأيته تخالفه العقول، وتناقضه الأصول، وتباينه النقول فاعلم أنه موضوع، وقد عرضنا لهذه المرويات آنفا، وبينا أن معظمها لا يصلح للاحتجاج به، وبعضها على تسليم صحته له مخارج صحيحة.
٢ - إن مثل هذه البحوث التي تتعلق بكتاب الله، الذي توفرت له كل وسائل الثبوت واليقين والتحوط البالغ لسلامة النص من التحريف والتبديل والتغيير، لا يجوز ولا يليق بباحث أن يعتمد فيها على روايات تذكر في كتب الأدب أو التاريخ، أو يتندر بها بعض الناس في مجالسهم من غير أن يكون لها أسانيد ثابتة، ولكن المستشرقين وأبواقهم في سبيل تحقيق مزاعمهم يصححون الضعيف، ويعتمدون على المكذوب، على حين نجدهم يضعفون الصحيح من الأحاديث ولا حامل لهم في هذا وذاك إلا الهوى والتشهي والتجني الآثم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى القرآن الكريم.
٣ - إن هذه التوسعة في الحروف السبعة لم تكن بالهوى والتشهي وإنما كانت في حدود المنزّل من عند الله بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم عقب سماعه قراءة كل من المختلفين «هكذا أنزلت»، وقد نبهت على ذلك آنفا فكن على ذكر منه.
٤ - إن البحث العلمي الصحيح الذي يكون القصد منه إصابة الحق والصواب يلزم الباحث النزيه فيما إذا وردت روايات متعارضة أن ينقدها من ناحية السند- النقد الخارجي- ومن ناحية المتن- النقد الداخلي- ولا يزال يمحص الروايات، ويوازن بينها مع ملاحظة ما يوافق البيئة منها، وما لا يوافق، حتى يهتدي إلى الحق والرشاد، أما أن يأخذ ما يشاء على حسب هواه فتلك خيانة للبحث العلمي الصحيح، ثم إن جاز هذا من باحث متعصب ك «بلاشير» فكيف جاز ذلك من باحث مسلم كمصطفى مندور!!