للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من القول فقد كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذبا، وإن أراد ما اشتمل عليه من الوعيد والإنذار والتقريع فهذا لا يسمى سبابا إلا في دماغ قائله، وكنا نحب من الناقد المخرب أن يربأ بنفسه وأدبه عن هذا الإسفاف في التعبير حينما يتحدث عن كتاب كالقرآن العظيم.

٢ - دعواه أن القسم المكي اشتمل على الوعيد والشدة دون القسم المدني دعوى من لم يطلع على القرآن الكريم، أو اطلع ولكن أعمته عصبيته عن إدراك الحق المبين، فالقسم المدني اشتمل على الوعيد والإنذار كما أن القسم المكي اشتمل على الدعوة إلى اللين والعفو والصفح ومقابلة الإساءة بالإحسان.

استمع إلى قول الحق تبارك وتعالى في سورة البقرة المدنية الآية ١٧٤:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٤)، وقوله في سورة آل عمران المدنية الآية ١٠: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠)، وفي سورة النساء المدنية الآية ٤٧: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (٤٧) وفي سورة المائدة الآية ٧٨ - ٨١: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ الآيات، إلى غير ذلك من آيات الوعيد في القسم المدني، ثم استمع إلى ما جاء في السور المكية حثّا على اللين والعفو والتسامح؛ قال تعالى في سورة الأعراف المكية الآية ١٩٩: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩)، وقال في سورة فصلت المكية الآية ٣٤ - ٣٥: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وفي سورة الشورى المكية الآية ٣٦ - ٤٣: فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ

<<  <   >  >>