سورة الأنعام بمكة ليلا جملة حولها سبعون ألف ملك، وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نزلت سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك» وهذا الذي ذكروه غير مسلم، فإن سورة الأنعام، وإن كانت مكية إلا أن منها آيات مدنية قطعا مثل قوله تعالى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إلى ثلاث آيات فقد نزلت بسبب مالك بن الصيف أحد أحبار اليهود، كما يدل على ذلك سبب النزول، واستثنى بعض العلماء غير هذه الآيات الثلاث، وأما الآثار التي ذكروها فلم تثبت، قال ابن الصلاح في فتاويه: الحديث الوارد في أنها نزلت جملة واحدة رويناه من طريق أبي بن كعب، وفي إسناده ضعف، ولم نر له إسنادا صحيحا وقد روي ما يخالفه، فروى أنها لم تنزل جملة واحدة؛ بل نزلت آيات منها بالمدينة، اختلفوا في عددها فقيل ثلاث وقيل ست وقيل غير ذلك (١).
أما نزولها مشيعة فأمر محتمل إذا تثبت به الرواية، ويكون التشييع لجلها وما نزل منها لا لجميعها كما ذكروا، أو نقول: إن المراد بنزولها يشيعها سبعون ألف ملك نزولها من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في بيت العزة، ويكون نزولها مفرقة على النبي صلى الله عليه وسلم فيما بعد ذلك.