فقد جاءت في رواية غيرهما وإذ كان الحال على ما سمعت فما هي المحامل الصحيحة لهذا الحديث
١ - إن هذه الروايات آحادية فهي لا يثبت بها قرآن، ولا تعارض القطعي الثابت بالتواتر، وغاية ما تدل عليه أنها حديث من أحاديث رسول الله، وسنة من سننه، ولا ينافي هذا قول عمر رضي الله عنه:«وكان فيما أنزل عليه» فإن جبريل كما ذكرت- كان ينزل ببعض السنة كما ينزل بالقرآن، وتسميتها آية بالمعنى اللغوي لا الاصطلاحي. وكذلك قوله:«فقرأناها ووعيناها» فالمراد به نرويها عن رسول الله فعبر عن الرواية بالقراءة، ومنه يقال: فلان يقرأ الحديث والسنن على فلان، ويكون قوله «والرجم في كتاب الله حق» أي في شرع الله وحكمه وتقديره (١)، أو يكون المراد به الإشارة إلى قوله تعالى: أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا فقد بينت السنة أن المراد جلد البكر، ورجم الثيب، ويؤيد هذا التأويل قول الفاروق رضي الله عنه: لولا أن يقال زاد عمر في كتاب الله لكتبتها في المصحف؛ إذ لا يقال زاد لما عرف أنه منه، لكنه لما كانت عنده سنة مؤكدة وحكما لازما حث على حفظها وقراءتها ودراستها، حتى لا يغفل الناس عنها، كما حث على حفظ آي القرآن، والذي يؤكد هذا التأويل ما رواه ابن حمدويه بسنده عن الحسن أن عمر قال هممت أن أدعو بنفر من المهاجرين والأنصار، معروفة أسماؤهم وأنسابهم، وأكتب شهادتهم في ناحية المصحف أي حاشيته، هذا ما شهد عليه عمر بن الخطاب وفلان وفلان يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم في الزنا وإني خفت أن يجيء قوم من بعد يرون أن لا يجدونها في كتاب الله فيكفرون بها، وعمر رضي الله عنه ما كان يخشى في الحق لومة لائم فلو أنها كانت من القرآن لأثبتها، ولما خاف مقالة الناس، وكونه هم أن يكتبها في الحاشية لا في الصلب دليل على أنها ليست قرآنا، قال العلامة الآلوسي عند تفسير قوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ:
(١) ومثل ذلك قول الله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ يعني في حكمه وتشريعاته وتقديره الأزلي ...