للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسرعة إجابة الداعين، وأما السر في حذفها في الرابعة، فللإشارة إلى سرعة الفعل، وإجابة الزبانية (١).

أقول: وفيه- أيضا- تطابق بين المتجاورين في اللفظ؛ إذ قبلها فَلْيَدْعُ نادِيَهُ وإشارة إلى أن إجابة الزبانية أسرع من إجابة أهل ناديه.

وعلل الشيخ العلامة المراكشي لزيادة الواو في قوله تعالى: سأوريكم دار الفاسقين [الأعراف: ١٤٥]، وقوله: سأوريكم آيتى للدلالة على ظهور معنى الكلمة في الوجود، في أعظم رتبة للعيان، قال: ويدل على ذلك أن الآيتين جاءتا للتهديد والوعيد، أقول: فيكون فيه تطابق بين اللفظ والمعنى.

أقول: وعلى هذا اللون من الاجتهاد في التعليل للرسم يمكن أن نقول (٢) في زيادة الألف في قوله تعالى: ولأاوضعوا خللكم [براءة: ٤٧] السر فيه الإيماء إلى أن هؤلاء المعتذرين المتخلفين من المنافقين لو خرجوا معكم لأكثروا من الإيضاع في الفتنة، والإفساد- والإيضاع هو الإسراع- ولجاوزوا الحد في هذا، فتوافق الرسم والمعنى.

وفي زيادة الياء في قوله تعالى: بأيّيكم المفتون [القلم: ٦] أي:

المجنون، الإشارة إلى أن جنون المشركين بلغ الغاية، وتجاوز الحد وأنهم المجانين لا أنت لأن مثلك يا محمد في رجاحة عقلك وعظم أخلاقك وسمو فضائلك لا يصح أن يرمى بالجنون، فمن رماك به فقد رجع على نفسه بالجنون، وبذلك يتوافق الرسم، والمعنى، والكلام في ظاهره ترديد بين أمرين، وهو في الحقيقة يراد به ما ذكرت، وهو لون من ألوان الحجاج في القرآن، يدل على غاية النصفة مع الخصوم، ومثله قوله سبحانه: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ مع اليقين أن النبي وأتباعه على


(١) الإتقان ج ٢ ص: ١٠٨.
(٢) قد استفدت في كثير من هذا بما ذكره العلامة الشيخ المراكشي ولكني زدته توضيحا وبعضها مما اجتهدت فيه كما اجتهد العلماء من قبل.

<<  <   >  >>