المبني أن لا تختلف صيغته، مع أن فيها مناسبة لألف لَساحِرانِ.
٣ - وأما عن آية وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ فلا يصح ذلك عنها، قال الإمام أبو حيان في البحر المحيط ما نصه: وذكر عن عائشة رضي الله عنها، وعن أبان بن عثمان أن كتبها بالياء من خطأ الكاتب، ولا يصح ذلك عنها، لأنهما عربيان فصيحان، وقطع النعوت أشهر في لسان العرب، وهو باب واسع ذكر عليه شواهد سيبويه وغيره، وعلى القطع خرج سيبويه ذلك، ولعلك على ذكر مما ذكرته آنفا عن الزمخشري في كشافه، في الرد على من طعن في هذه القراءة المتواترة.
٤ - وأما قوله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩) فله وجوه ومحامل صحيحة في العربية. وأحسن هذه الوجوه أن يكون وَالصَّابِئُونَ مقدم من تأخير، وخبر إن قوله مَنْ آمَنَ إلى إلخ، ويكون خبر وَالصَّابِئُونَ محذوف لدلالة خبر إن عليه، والتقدير: والصابئون والنصارى كذلك، ولعل السر في التقديم، وذكرهم بين طوائف أهل الأديان الدلالة على أن الصابئين مع ظهور ضلالهم وزيغهم عن الأديان كلها تقبل توبتهم إن صح منهم الإيمان والعمل الصالح، فغيرهم من أهل الأديان أحرى وأولى ومثل هذا الاستعمال العربي قول الشاعر:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإني- وقيار بها (١) - لغريب
أو يكون قوله: وَالصَّابِئُونَ وما عطف عليه استئناف آخر، والخبر من آمن إلخ، وقد أغنى هذا الخبر عن خبر إن، ومثل هذا الاستعمال قول الشاعر العربي:
نحن بما عندنا وأنت بما ... عندك راض والرأي مختلف
فقد حذف الخبر من الأول لدلالة الثاني عليه، أي نحن بما عندنا راضون.