وآونة .. كانت تنزل الآيات بالحجج والبراهين مبطلة لعقائدهم الزائفة، ورادة عليهم ما يتمسكون به من شبه واهية؛ كالآيات الواردة في إثبات الله وصفاته وتوحيده، واستحقاقه للعبادة، وإثبات البعث والحشر، وأحوال اليوم الآخر، وإثبات رسالة الرسل وحاجة البشر إليهم. وكان من ثمرة هذا التثبيت: أن أبدى النبي غاية الثبات والشجاعة، والوثوق بالله تعالى في أحرج المواقف وأشدها هولا؛ ألا ترى إلى قوله للصديق في الغار: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا وإلى ثباته يوم «أحد» و «حنين» يدعو إلى الله وقد فرّ عنه الكثيرون فما زاده إلا إيمانا وثباتا!
٢ - تيسير حفظه وفهمه على النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان حريصا على ذلك غاية الحرص، ولقد بلغ من حرصه أنه كان لا ينتظر حتى يفرغ «جبريل» من قراءته، بل كان يتعجل القراءة، فأنزل الله عليه: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [سورة طه: ١١٤]، وقوله: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩)[سورة القيامة: ١٦ - ١٩] فضمن الله لنبيه الحفظ والفهم.
وطبعيّ أن نزول القرآن مفرقا أدعى إلى سهولة حفظه وفهمه، وأيسر وأوفق بالفطرة البشرية.