للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتباه المدعو، وقد ظهر ذلك في هذا الحديث؛ لقول أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَمْ تَجْتَبُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا» فقيل له: «وكيف ترى ذلك كائنا يا أبا هريرة؟» فأجابهم بما يريد أن يلقي إليهم من العلم، وهذا يؤكد أهمية أسلوب السؤال والجواب (١).

ثانيا: من أساليب الدعوة: التأكيد بالقسم: التأكيد بالقسم أسلوب ناجح من أساليب الدعوة؛ ولهذا قال أبو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في هذا الحديث: «إي والذي نفس أبي هريرة بيده» ثم ساق الحديث وهذا يدل على استخدام الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم لهذا الأسلوب في دعوتهم لأهميته (٢).

ثالثا: أهمية الاستدلال بالأدلة الشرعية: إن الاستدلال بالأدلة الشرعية من أهم الأمور التي ينبغي للداعية أن يعتني بها في دعوته؛ ليثق الناس بما يقوله، ويسلم من الوقوع في الخطأ، وقد ظهر ذلك في قول أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في هذا الحديث: «إي والذي نفس أبي هريرة بيده عن قول الصادق المصدوق»، فنسب القول إلى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استدلالا على ما يقول رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (٣).

رابعا: من موضوعات الدعوة: الحض على الوفاء بالعهد: دل مفهوم الحديث على الحض على الوفاء بالعهد؛ لقول أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الذي رفعه إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما» أي كيف تكون حالكم إذا انقطعت عنكم أموال الجزية والخراج، وبين السبب في انقطاع ذلك فقال: «تنتهك ذمة الله وذمة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» -"، وذلك أن المسلمين ينقضون عهد الله وعهد رسوله الذي يتعلق بحقوق أهل الذمة، ويعاملونهم بالظلم والعدوان فيعاقب الله المسلمين في الدنيا قبل الآخرة: «فيشد الله عز وجل قلوب أهل الذمة فيمنعون ما في أيديهم» من الأموال: من الجزية والخراج فلا يدفعونها إلى المسلمين. وهذا يبين أنه يجب على المسلمين الوفاء بالعهد لأهل الذمة وإعطاؤهم حقوقهم


(١) انظر: الحديث رقم ٥٨، الدرس الأول، ورقم ١١٠، الدرس الرابع.
(٢) انظر: الحديث رقم ١٠، الدرس الخامس، ورقم ١٤، الدرس الخامس.
(٣) انظر: الحديث رقم ٧٧، الدرس الرابع عشر، ورقم ١٤٧، الدرس الخامس، ورقم ١٧٩، الدرس الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>