للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١١ - باب عزمِ الإمام على الناسِ فِيمَا يطِيقون

[حديث عبد الله بن مسثعود لم يكن النبي يعزم علينا في أمر إلا مرة حتى نفعله]

١٠٢ - [٢٩٦٤] حَدَّثَنَا عثْمَان بْن أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا جَرِير، عَنْ مَنْصورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ عَبْد اللهِ (١) رضي الله عنه: " لَقَدْ أتانِي اليَوْمَ رَجل فَسَألنِي عَنْ أَمرٍ مَا دَرَيْت مَا أَردّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجلا مؤدِيا نَشِيطا يَخْرج مَعَ أمَرَائِنَا فِي الْمَغَازِي، فيَعْزِم عَلَيْنَا فِي أَشْيَاءَ لاَ نحْصِيها؟ فَقلْت لَه: وَاللهِ مَا أدْرِي مَا أقول لَكَ: إِلاَّ أنا كنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَسَى أَنْ لاَ يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلاَّ مَرَّة حَتَّى نَفْعَلَه، وإِنَّ أَحَدَكمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقى اللهَ. وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيء سَأَلَ رِجلا فَشَفَاه مِنْه، وَأوْشَكَ أَنْ لاَ تَجِدوه. وَالَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هوَ، مَا أَذْكر مَا غبَرَ مِنَ الدّنْيَا إِلاَّ كَالثَّغبِ شرِبَ صَفْوه، وَتقِيَ كَدَره ".


(١) عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب، الإِمام الحبر، فقيه الأمة، أبو عبد الرحمن الهذلي، المكي، المهاجري، البدري، الكوفي رضي الله عنه، كان من السابقين الأولين، ومن النجباء العالمين، شهد بدرا، وهاجر الهجرتين، وكان سادس من أسلم من السابقين وهو أول من جهر بالقرآن في مكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد جميع المشاهد كلها، وشهد اليرموك، وهو الذي أجهز على أبي جهل بوم بدر، وهو صاحب نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان كثير الدخول عليه والخدمة له، روى علما كثيرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، منه: ثمانمائة وثمانية وأربعون حديثا، اتفق البخاري ومسلم على أربعة وستين منها وانفرد البخاري بواحد وعشرين، ومسلم بخمسة وثلاثين، وكان أعلم الناس بالقرآن قال رضي الله عنه: " والله الذي لا إله غيره ما نزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فِيمَن أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه " [البخاري برقم ٥٠٠٢، ومسلم برقم ٢٤٦٣، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبَي بن كعب، ومعاذ بن جبل " [البخاري برقم ٣٧٦٠، ومسلم برقم ٢٤٦٤].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرأ علي القرآن " قال فقلت: " أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: " إني أشتهي أن أسمعه من غيري " قال: فقرأت النساء حتى إذا بلغت (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤلَاءِ شَهِيدا) [النساء: ٤١]، رفعت رأسي- أو غمزني رجل في جنبي فرفعت رأسي- فرأيت دموعه تسيل. [البخاري برقم ٥٠٥٥ و ٥٠٥٦، ومسلم برقم ٨٠٠]، وقال عنه صلى الله عليه وسلم: " لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد " [الحاكم ١/ ١١٤، وأحمد ١/ ١١٤، ٤٢٠] وقد بعثه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الكوفة وقال: " إنني قد بعثت إليكم عمارا أميرا، وابن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أهل بدر، فاسمعوا لهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي " [الحاكم وصححه ووافقه الذهبي ٣/ ٣٨٨]. وكان يقول صلى الله عليه وسلم: " من أراد الآخرة أضر بالدنيا، ومن أراد الدنيا أضر بالآخرة، يا قوم فاضروا بالفاني على الباقي " نزل الكوفة وتوفي بها سنة ثنتين وثلاثين، وقيل سنة ثلاث وثلاثين، وقيل عاد إلى المدينة وتوفي بها ودفن في البقيع، واتفقوا على أنه توفي وهو ابن بضع وستين سنة رضي الله عنه. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي، ١/ ٢٨٨، وسير أعلام النبلاء للذهبي ١/ ٤٦١ - ٥٠٠. والإِصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ٢/ ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>