للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث بعثه صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها]

١٨٠ - [٣١٥٨] حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حدَثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أنَّه أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الأنصارِيَّ (١) - وَهُوَ حَلِيف لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ شَهدَ بَدْرا- أَخْبَرَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ (٢) إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ (٣)


(١) عمرو بن عوف الأنصاري حليف بني عامر بن لؤي رضي الله عنه، كان ممن شهد بدرا، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما الفقر أخشى عليكم "، ولم يذكر أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وهو غير عمرو بن عوف بن زيد، وعمرو بن عوف بن يربوع، وقد قيل: إنه شهد بدرا وما بعدها من المشاهد، ومات رضي الله عنه في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فصلى عليه. انظر: الإِصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ٣/ ٩، وتهذيب التهذيب له، ٨/ ٧٥.
(٢) أبو عبيدة بن الجراح: عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجد السابع وهو فهر، أحد السابقين الأولين، ومن عزم الصديق على توليته الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشار به يوم السقيفة، لكمال أهليته عند أبي بكر، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة فشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وقال صلى الله عليه وسلم عنه: إن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح [البخاري برقم ٣٧٤٤]، وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث معدودة، ولكنه غزا غزوات مشهودة، وشهد بدرا فقتل يومئذ أباه، وأبلى يوم أحُدٍ بلاءً حسنا، ونزع يومئذ الحلقتين اللتين دخلتا في وجنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المغفر من الضربة التي أصابته فانقلعت ثنيتاه فحسُن ثغرُه بذهابهما، حتى قيل: ما رؤي هَتْمٌ قطُ أحسن من هتم أبي عبيدة- والهتم كسر في الثنايا من أصولها- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمله مرات، ومنها أنه استعمله على سرية كانوا ثلاثمائة فألقى إليهم البحر الحوت العظيم الذي يقال له: العنبر فأكلوه. ولما فرغ أبو بكر من حرب أهل الردة وحرب مسيلمة الكذاب جَهَزَ أمراء الأجناد لفتح الشام فبعث أبا عبيدة، ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة فتمت وقعة إجنادين بقرب الرملة ونصر الله المؤمنين فجاءت البشرى والصديق في مرض الموت، ثم كانت وقعة فِحْل، ووقعة مرج الصفراء، وكان قد سير أبو بكر خالدا لغزو العراق، فبعث إليه لينجد أمراء الشام وجيشهم فقطع المفاوز فأمَّره الصديق على الأمراء كلهم وحاصروا دمشق وتوفي أبو بكر فبادر عمر واستعمل على الكل أبا عبيدة فكان فتح دمشق على يديه ولم يُظْهر وصول تقليده من عمر إلا بعد الفتح وهذا من دينه، ولينه، وحلمه ثم أظهر ذلك؛ ليعقد الصلح مع الروم ففتحوا له باب الجابية صلحا وإذا بخالد رضي الله عنه قد افتتح البلد عنوة من الباب الشرقي فأمضى لهم أبو عبيدة الصلح، ثم كان أبو عبيدة رأس الإِسلام يوم وقعة اليرموك التي استأصل الله فيها جيوش الروم وقتل منهم خلق عظيم. وكان أبو عبيدة معدودا فيمن جمع القرآن العظيم فحفظه وعمل به، وكان موصوفا بحسن الخلق، وبالحلم، والتواضع، والزهد العظيم، وتوفي رضي الله عنه بعد أن شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهد بعده في الفتوحات العظيمة- في طاعون عمواس في الشام سنة ثمان عشرة للهجرة وله ثمان وخمسون سنة رضي الله عنه. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي ٢/ ٢٥٩، وسير أعلام النبلاء للذهبي ١/ ٥ - ٢٣، والإِصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ٢/ ٢٥٣.
(٣) العلاء بن الحضرمي، واسم الحضرمي عبد الله بن عماد بن أكبر بن ربيعة الحضرمي كان حليفا لبني أمية وكان من سادات المهاجرين، ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم البحرين وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عليها فأقره أبو بكر ثم عمر رضي الله عنه، وله حديث واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكث المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثا [البخاري برقم ٣٩٣٣]، قيل: كان مجاب الدعوة، وأنه خاض البحر بكلمات قالهن، وكان له أثر عظيم في قتال أهل الردة رضي الله عنه. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي ١/ ٣٤١، وسير أعلام النبلاء للذهبي ١/ ٢٦٢، والإِصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ٢/ ٤٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>