للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٧ - باب الرّدف على الحمَارِ

[حديث ركب النبي على حمار على إكاف عليه قطيفة وأردف أسامة وراءه]

١٠٨ - [٢٩٨٧] حَدَّثَنَا قتَيْبَة: حَدَّثَنَا أَبو صفْوانَ، عَنْ يونسَ بْنِ يَزيدَ، عنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عرْوَةَ عَنْ أسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ (١) رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ركِبَ علَى حِمَارٍ عَلَى إِكَافٍ عَلَيْهِ قَطِيفَة، وأَرْدَفَ أسَامَةَ وَرَاءَه» (٢).

وفي رواية: «أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَيْهِ قَطِيفَة فَدَكِيَّة، وأسَامَة ورَاءَه يَعود سَعْدَ بْنَ عبَادَةَ فِي بَنِي حَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَة بَدْرٍ، فَسَارَا حَتَّى مرَّا بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْد اللهِ بْن أبَيٍّ ابْن سَلولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يسْلِمَ عَبْد الله بْن أبَيٍّ فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلاَط مِنَ الْمسْلِمِينَ، وَالْمشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيهودِ، وَفِي المسلمينَ عَبْد الله بْن رَوَاحَة (٣) فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَة الدَّابَّة،


(١) أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل، الصحابي الجليل، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن مولاه، وحبه وابن حبه، الأمير العظيم، رضي الله عنه، ولد في الإسلام ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وله ثماني عشرة سنة، وقيل عشرون سنة، أمَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش عظيم؛ لغزو الروم، وفي الجيش عمر والكبار من الصحابة، فلم يسر حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبادر الصديق، نفاذ جيش أسامة رضي الله عنه، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة وثمانية وعشرون حديثا، اتفق البخاري ومسلم على خمسة منها، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بحديثين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويحب أباه، فهما من أحب الناس إليه، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجله ويكرمه، ويفضله في العطاء على ولده عبد الله، وكان إذا لقيه بقول: " السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت عليَّ أمير " واعتزل أسامة الفتن والحروب التي وقعت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وسكن أسامة المزة، ثم رجع وسكن وادي القرى، ثم نزل إلى المدينة فمات بها سنة أربع وخمسين على الصحيح. رضي الله عنه. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي ١/ ١١٣، وسير أعلام النبلاء للذهبي، ٢/ ٤٩٦ - ٥٠٧، والإِصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ١/ ٣١.
(٢) [الحديث ٢٩٨٧] أطراف في: كتاب تفسير القرآن، ٣ - سورة آل عمران، باب " وَلَتَسْمَعنَّ مِنَ الَّذِينَ أوتوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكوا أَذى كَثِيرا "، ٥/ ٢٠٤، برقم ٤٥٦٦. وكتاب المرضى، باب عيادة المريض راكبا وماشيا وردفا على الحمار، ٧/ ٩، برقم ٥٦٦٣. وكتاب اللباس، باب الارتداف على الدابة، ٧/ ٨٨، برقم ٥٩٦٤. وكتاب الأدب، باب كنية المشرك، ٧/ ١٥٥، برقم ٦٢٠٧. وكتاب الاستئذان، باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين، ٧/ ١٧١، برقم ٦٢٥٤. وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسبر، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وصبره على أذى المنافقين، ٣/ ١٤٢٢، برقم ١٧٩٨.
(٣) عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس، الأنصاري الخزرجي، الأمير الشاعر المشهور، شهد العقبة فهو من السابقين الأولين من الأنصار، وكان نقيبا ليلة العقبة على بني الحارث بن الخزرج، وشهد بدرا وجيمع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الفتح وما بعدها؛ فإنه توفي يوم مؤتة وهو أحد الأمراء في غزوة مؤتة، وكان أول خارج إلى الغزوات وآخر قادم، وكان أحد الشعراء المحسنين الذين يردون الأذى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام والمسلمين، ومن شعره رضي الله عنه ما ثبت عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء، وعبد الله بن رواحة بين يديه يمشي وهو يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله
ضربا بزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله
فقال له عمر: يا ابن رواحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حرم الله تقول الشعر؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " خل عنه يا عمر، فَلَهيَ أسرع فيهم من نضح النبل " [أخرجه الترمذي برقم ٢٨٤٧ وقال: حديث حسن صحيح. وصححه الألبانَي في صحيح سنن الترمذي ٢/ ٣٧٤، وفي مختصر الشمائل المحمدية برقم ٢١٠، وانظر: سيرة بن هشام ٣/ ٤٢٧.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان، واستعمل عليهم زيد بن حارثة، وقال: " إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة، وكانوا ثلاثة آلاف، وساروا في طريقهم، وقابلوا الروم وهم مائتا ألف؛ مائة ألف من الروم، ومائة ألف من المستعربة، فقاتلوهم، فقتل زيد وحمل اللواء جعفر بن أبي طالب، ثم قتل، فحمل اللواء عبد الله بن رواحة وقال:
أقسمت يا نفس لتنزلنه ... لتنزلن أو لتكرَهنه
إن أجلب الناس وشدوا الرنه ... مالي أراكِ تكرهين الجنة
قد طالما قد كنت مطمئنة ... هل أنت إلا نطفة في شنه

وقال أيضا:
يا نفس إلا تقتلي تموتي ... هذا حِمَام الموت قد صليتِ
وما تمنيتِ فقد أعطيت ... إن تفعلي فعلهما هديتِ
[سيرة ابن هشام ٣/ ٤٣٤، ثم قاتل حتى قتل شهيدا رضي الله عنه بعد أن حرض الناس على القتال ورغبهم في الشهادة رضي الله عنه. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي، ١/ ٢٦٥، وسير أعلام النبلاء للذهبي ١/ ٢٣٠ - ٢٤٠، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ٢/ ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>