للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - باب فرض الخمس

[حديث أن فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها]

١٤٧ - [٣٠٩٢] حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله: حدّثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزّبير أنّ عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها أخبرته «أنّ فاطمة (١) عليها السلام ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت أبا بكر الصّدّيق (٢).

بعد وفاة


(١) فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيدة نساء أهل الجنة، ولدت قبل المبعث بقليل، وهي أصغر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحيح، وأمها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، أنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد وقعة بدر في السنة الثانية من الهجرة، وقيل: بل ولدت والكعبة تبنى والنبي صلى الله عليه وسلم ابن خمس وثلاثين سنة، وقيل: إنها ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أسن من عائشة بنحو خمس سنين والله أعلم. قيل تزوجها علي رضي الله عنه وسنها ثمان عشرة سنة، وقيل خمس عشرة، وتوفيت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بستة أشهر على الصحيح، وعمرها سبع وعشرون سنة، وقيل: ثلاثون، وقيل: غير ذلك، وقد انقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من فاطمة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبها ويجلها، وإذا جاءت إليه قام إليها وسلم عليها وقبلها وأجلسها مكانه، وإذا قدم إليها فعلت له مثل ذلك، وقال صلى الله عليه وسلم في فضلها: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" [البخاري برقم ٣٤١١، ومسلم برقم ٢٤٣١ واللفظ نقله ابن الأثير في جامع الأصول لرزين ٩/ ١٢٤]. وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، وآسية امرأة فرعون" [الترمذي برقم ٣٨٨٨، وقال: هذا حديث صحيح، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ٣/ ١٥٧]. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي، ٢/ ٣٥٢، وسير أعلام النبلاء للذهبي، ٢/ ١١٨، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ٤/ ٣٧٧.
(٢) أبو بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، اسمه: عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب، الصحابي الجليل، القرشي التيمي، يلتقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب، كان أعلم قريش بأنسابها، وأول من آمن من الرجال برسول الله صلى الله عليه وسلم وبرسالته، أجمعت الأمة على تسميته صديقا؛ لأنه بادر إلى تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازم الصدق فلم يقع منه وقفة عن ذلك في حال من الأحوال، ووقعت له مع رسول الله مواقف رفيعة عظيمة منها: قصة صباح ليلة الإسراء، وثباته وجوابه للكفار في ذلك، وهجرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك عياله وأطفاله، وملازمته له في الغار وسائر الطريق، وثباته مع النبي صلى الله عليه وسلم في يوم بدر والحديبية، وملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حين أسلم إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يفارقه في حضر ولا سفر، وبكى حين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عنده، فكان بذلك أفقه الصحابة، وثبت عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وسكّت الناس وخطبهم وقرأ عليهم القرآن فثبتوا وانقادوا، وقصته في البيعة مشهورة، وعنايته بمصلحة المسلمين، ثم اهتمامه وثباته في إنفاذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما إلى الشام، ثم قيامه في قتال أهل الردة ومناظرته للصحابة في ذلك حتى حجهم بالدلائل، ثم تجهيزه الجيوش إلى الشام وإمدادهم، ثم ختم مناقبه باستخلافه عمر الفاروق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه حسنة من حسناته وقد كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الناس جهادا وبذلا في سبيل الله عزّ وجلّ، فقد أنفق أمواله كلها في مكة، وفي الهجرة، وفي الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسلم على يديه خلق كثير، منهم خمسة من العشرة المشهود لهم بالجنة، وأعتق رقيقا لا يحصى عددهم، منهم سبعة كانوا يعذبون في مكة؛ ولمساندته للنبي قال عنه صلى الله عليه وسلم "إن من أمن الناس على في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن إخوة الإسلام ومودته" [البخاري برقم ٣٦٥٤، ومسلم، برقم ٢٣٨٢]. وأجمع أهل السير أن أبا بكر رضي الله عنه لم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشهد من مشاهده، وقد شهد له أن إيمانه أعظم من إيمان أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقد قال عنه عمر رضي الله عنه: "لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم" [أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، ١/ ٦٩، برقم ٣٦]، ولد أبو بكر رضي الله عنه بعد الفيل بثلاث سنين تقريبا، وهو أول خليفة في الإسلام، وأول أمير أرسل على الحج بالناس، وهو من كبار الصحابة وحديثه في الصحيحين، وذكر له أبو يعلي في مسنده مائة وتسعة وثلاثين حديثا، [من رقم ١ - ١٣٩]، وهو من كبار الصحابة الذين حفظوا القرآن كله، وهو أول من جمع القرآن، وهو أول الخلفاء الراشدين وأفضلهم رضي الله عنهم، وقد أنجز هذه الأعمال - وغيرها كثير - في زمن قصير جدا حيث كانت خلافته سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليال، توفي رضي الله عنه سنة ثلاث عشرة عن ثلاث وستين سنة، رضي الله عنه. انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٣/ ١٢٥، وحلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني ١/ ٢٨ - ٣٨، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي ٢/ ١٨١، وسير أعلام النبلاء للذهبي [سيرة الخلفاء الراشدين] ص ٧ - ٦٧، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، ٢/ ٣٤١، وتاريخ الإسلام للذهبي ١/ ١٠٥ - ١٢٢، وتذكرة الحفاظ، للذهبي ١/ ٢ - ٥، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٢٧، وطبقات الحفاظ، لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ص ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>